الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

مقالات كتبت عن حسام خضر
New Page 1

حسام خضر - ذاكرة الاعتقال وهزيمة محتل / فلسطين السدة

05/07/2010 20:41:00

 

يضع قدما على قدم، يرتشف رشفات متتالية من فنجان قهوته ، يتخيل قهوة الألم وقهوة الزمان مع تغير المكان, لا اختلاف بين هذا أو ذاك رغم ألمه مازالت ابتسامته على محياه صامدة؛ ابتسامة عريضة تلف شفتاه، يحاول التغلب على عالمه قدر الإمكان، يتخلل شعره بعضًا من البياض، حنطي البشرة ذو قامة جذابة، وذو عينين يرتسم فيهما علم فلسطين مرفرفًا.

الهوية

الاسم : حسام محمود عبد الرحمن  خضر

الجنسية : فلسطيني مع سبق الإصرار والترصد

مواليد :قرية كفر رمان 8/12/1961

السكن : نابلس/ مخيم بلاطة الشهداء
 
انتقل حسام خضر وعاش مناف كثيرة، من بينها كفر رمان ومخيم بلاطة وعمان ويقول: "أسرتي هجرت من مدينة يافا عام 1948م حيث كانت تسكن في "حي العجمة" الشهير إلى
الضفة، وتنقلنا إلى أماكن كثيرة وخاصة بعد زواج الوالد، ما بين عمان ونابلس المدينة وكفر رمان ومخيم بلاطة، تبعا لعمل الوالد والذي كان يعمل في مهنة الزجاج".

مع الانتقال من مكان لآخر اكتسب حسام خبرات عديدة ،وكون صداقات كثيرة ما زال يعتز بها ، إلا أن السجن لعب دورا كبيرا في حياة حسام ، "كتبت عن طفولتي وأنا بالسجن قصة ميلادي وهي جميلة جدا، كنا بالأردن وأتيت على الدنيا بقرية كفر رمان " طبعا الفاضي بعمل قاضي بالسجن" وغلب الطابع الأدبي على تلك القصة "ميلادي " وسأقوم بنشرها في يوم من الأيام".

"عاشت بداياتها في مخيم بلاطة حتى العام 1967م عام الاحتلال، ومازالت هناك صور كثيرة عالقة بذهني ،الألعاب الشوارع المقهى والساحة الكبيرة في المخيم والمقبرة والمدرسة، وكأنني استعرض شريطا مصورا على هذا البعد في الزمان".

"اذكر جيدا تلك اللحظات التي ما كنت قادرا بوعيي على إدراك معانيها ، لكنها لحظات مميزة وعميقة تحتل مكانتها في وجداني ، خلال الحرب عاد بنا أبي نحو الغرب من مخيم بلاطه إلى طولكرم المدينة الحدودية، حيث تتربع على تلة فيها بحياء ،كفر رمان القرية الصغيرة وسط غابات من الأشجار المثمرة، وكانت هجرته عكس تيار الهجرة القائمة وقتئذ , وسبحنا في بحار من الخوف على قوارب الرعب تماما مثل سمك السلمون تسبح أبدا عكس التيار،  ليلعب والدي دورا بطوليا مشهودا في وقف نزوح الآلاف من سكان المنطقة، عدنا من جديد إلى كفر رمان لنستقر بها لمدة الثلاثة أعوام ،تشبعت فيها نقاوة وصفاء الريف الفلسطيني الجميل، معيدا رحلة الأنبياء عبر التاريخ".

"أذكر تلك الأيام وكأنها الآن ،عندما كان عمري 5 سنوات كنا مجموعة أصدقاء نلعب ونخرج ، وعندما كنا  في الصف الأول ابتدائي نذهب إلى مناطق جبلية نجمع زهورا مختلفة، منها النرجس والحنون الأحمر " شقائق النعمان" ، وفي أكتوبر من عام 1970م عدنا إلى مخيم بلاطة، كنت في ذلك الوقت ترفيع للصف الثالث ابتدائي"وكانت الدنيا قايمه قاعده لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ولا زالت الرايات السود ترى وتلاحظ في كل ركن وزاوية، فيما الدموع تغادر موانيها بتسارع والحناجر تكبر بغضب" .

"كنا نلعب ألعابا كثيرة في حارتنا بالمخيم أتذكر للآن بعضا منها،

- بحكم أنها أوسع الحارات وأكبرها في المخيم - "أل كميستير " والسبع جور" والغماية والبنانير في  نهاية موسم الشتاء، أو كلما أشرقت شمسه وجف الطين قليلا " وغير ذلك من الألعاب الجماعية التي تقوم على المنافسة العنيفة، في صراع على آخر فراغ يمتلكه المخيم مما قادنا إلى معارك وحروب باستمرار، الأمر الذي ساهم في توحدنا وتعميم ثقافة الأسرة الواحدة بيننا، كنا نأتي ببعض عجلات الكاوتشوك في الحارة ونرتبها فوق بعضها البعض، وننزل في داخلها بعدما نتشعبط عليها بصعوبة بسبب الارتفاع والتأرجح، وكأن الطفل فينا ينزل في بطن بئر سحيق، إذ كنا أحيانا ننجح في نصب أكثر من عشرين "عجل كاو تشوك" فوق بعضها البعض حسب الحجم , ولا يمكن نسيان كرة القدم والجمباز وسباقات الجري في ظل تنافس كبير بين الأصدقاء ، ولكن للأسف كل هذه الألعاب انتهت أو توقفت مع بداية عملنا الوطني والكفاحي، أي ان الطفولة طفولتنا، سرقت منا فجأة مع بداية هذا العمل.

 للآن يذكر حسام ما تميز به هو وأصدقاؤه في فترة طفولتهم السعيدة والشقية ،رغم وطأة الظروف القاسية التي اجتاحت حياته مثل إعصار مدمر ، ولا زال بعضا منها عالقا في ذهنه " كنا نتميز بالتمثيل نحن أولاد الحارة السعيدة ، حيث كنت غالبا ما اكتب التمثيلية – النص - , ونقوم معا على تمثيلها من خلال توزيع الأدوار،وأتذكر أشهر مسرحيه مثلناها  وكنا نسميها تمثيلية (القلعة )، والأجواء كانت رائعة في الحارة مما ساعد على نجاحنا، حيث كنا نجمع الكراسي من بيوتنا جميعا، ونضعها للمتفرجين، واستمرت تمثيلية (القلعة) لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ولا يمكن نسيان وجوه الناس في ذلك ومدى تفاعلهم معنا ، إذ كنا نعمل مسرح ونضع عليه خيط ونقوم بربط أكياس طحين الوكالة ببعضها البعض، ومن ثم نبدأ بافتتاحية بسيطة، وبعدها يأتي العرض وكنا ندخل السرور في قلوب الناس في مثل هكذا عروض في الهواء الطلق.

في بداية حياته المدرسية، انتقل حسام من فوضى الزمان والمكان إلى الالتزام والتنظيم " عندما انتقلت إلى المدرسة في صفوفي الأولى في عام 68/1969م في قرية كفر رمان كنت خائفا وخجلا، إلا أنني كنت مهيأ لعملية التعليم، لأن الوالد كان يشرف على تدريس إخوتي يوميا  أمامي.

ضحكة بسيطة علت وجه حسام وكانت تزداد اتساعا فيما يحدث محركا كلتا يداه، وكأنما حركته تلك المشاهد والصور التي انبعثت تباعا من ذاكرة أيامه الجميلة " أنا أذكر للآن ان أول سورة قرآن حفظتها كانت "تبت يدا أبي لهب وتب" حفظتها حتى قبل سورة الفاتحة وكان السبب في ذلك ان الصف الذي درست فيه، يشمل على عدة صفوف في نفس الوقت، فكان من الصف الأول وحتى الصف الرابع، وبالتالي كنا نتعلم 4 مواد في نفس الوقت ،ولكن أول يوم في المدرسة هو من الأيام الخالدة والتي ما زالت في ذاكرتي، شعرت في ذلك الوقت بأنني صرت كبيرا وبالأحرى صرت "زلمة ".

من المشاهد التي لا تزال عالقة بذهن حسام، ولا ينساها أو على الأقل لا يستطيع تناسيها " نحن بالعائلة 4 شباب و3صبايا وهناك أختان قد توفيتا وهن مازالتا صغيرتان ،منهما واحدة تشترك معي في تاريخ ميلادي، وللآن لا استطيع ان أنسى أبي وهو يحملها بين يديه، وكلهم في البيت يبكون وأنا أنظر إليهم، فسألتهم إلى أين تأخذوها، فأجابوا سنأخذها إلى الأرض لنزرعها ، فهذه من المشاهد التي أحزنتني كثيرا، كنا نذهب كل عيد مع الوالد إلى المقبرة ،ونأكل الحلوى والحلقوم"

الانتقال المفاجئ بين مدارس مختلفة لحسام كونت شخصيته،

" درست الصف الأول والصف الثاني في قرية كفر رمان، وأما الصف الثالث وحتى الصف الثالث إعدادي في مخيم بلاطة، والصف الأول ثانوي في بيت دجن - نابلس،  والصف الثاني ثانوي والتوجيهي في مدرسة سالم- دير الحطب الثانوية، وبعد ذلك درست بجامعة النجاح الوطنية إدارة  أعمال وعلوم سياسية ".

من النشاطات التي كان يقوم بها حسام ويذكرها باعتزاز، انه كان مسجلا في مركز شباب بلاطة الاجتماعي " كان يلعب دورا كبيرا في توعيتنا وتأطيرنا داخل المجتمع وزجنا بالعمل الاجتماعي، أي عند انتقالنا إلى العمل الوطني، كنا مهيأيين نفسيا وحملة رسالة وطنية واجتماعية وأخلاقية، والوالد أيضا كان قد لعب دورا كبيرا في تنشئتي وطنيا ،حيث كان باستمرار يحدثنا عن يافا وعن بقية المدن الفلسطينية المهجرة عام 48 كالرملة واللد والطيرة وحيفا وعكا، وعن دراسته في مدرسة حسن عرفه في حي العجمة، وعن أصدقائه وطفولته في كل يافا، وعن شبابه حتى الهجرة، أنت لا تستطيع ان تخرج عن جلدك الاجتماعي والوطني، الأسرة هي الأساس ، هي التي توفر المناخان والفضاءات المناسبة، وما لا يمكن نسيانه عن والدي هو انه كان يهتف بالمظاهرات زمن الأردن ، وهو الشخص الذي يحمل على الأكتاف دائما في شوارع نابلس ، المخيم ساعد أيضا على تهيئتي وطنيا وسياسيا".

"الإنسان يخرج في البداية كمتفرج بالمظاهرات، ولكن بعد ذلك تلاحظ أن هذه بديل للعبة ما من تلك التي كنت تلعبها في شوارع المخيم في مراحل طفولتك البريئة، لكن الانخراط بالمشاركة ساعد على تعلم الكفاح الوطني على أصوله، وأزاح ستائر الخوف من على بوابات قلوبنا لتتحول مع الأيام إلى قلاع لا تعرف الخوف ولا تعترف به عندما كان يحاول غزوها.

بالصف الثاني الإعدادي خرجت وبعضا من الأصدقاء، وأحضرنا عجال وأسلاك شائكة، لعمل الحواجز لمظاهرة الغد الموعود، من منطقة تقع جنوب المخيم قرب قرية بيت فوريك، قريبا من مكب النفايات الموجود هناك، كنا ننقلها على عدة مراحل ،إلى أن نوصلها للسهل ونضعها في محطة أولى، ونقف لنرصد الطريق، ونضعها خلف بئر يعقوب وبعد ذلك ننقلها إلى مدرسة البنات الأساسية عبر الشارع الرئيسي العريض جدا، في ظل انتشار للجيش وأعين المتعاونين، كان الوالد شديدا في تعامله مع مسألة التأخير الليلي لاعتبارات تربوية ، لكن مع ذلك كان مبدأه (كل واحد بدو يتأخر عن البيت لازم ايخبرنا) ".

"في ذلك الوقت لم أخبر أحدا من أهلي لا أمي ولا إخوتي وأخواتي، وتأخرت كثيرا حتى الساعة الحادية عشره ليلا تقريبا، لان المهمة كانت شاقه جدا، فالعتمة بقدر ما ساعدتنا بقدر ما أربكتنا وأفزعتنا في ذلك العمر من طفولتنا العنيفة، فعند وصولي إلى مدخل الحارة ،قالت لي إحدى جاراتنا إن والدك يسأل عنك (وبدور عليك ونفرت فيي وين لهسه) ، ومع أني كنت أسير فوق الغيم بحكم أنني فدائي، أعادتني تلك النبرة إلى صوابي لأبدأ من فوري بالتفكير في حيلة ما، تخرجني من أزمتي المندفع نحوها بأرجلي المرهقة، من خوف وتعب وعتب، وقبل ذهابي إلى المنزل ذهبت إلى جارنا " نعيم " والذي يحبه أبي كثيرا، فقلت له أن الوالد سوف يغضب مني لأني رجعت متأخرا الليلة، فذهب معي وتحايلت في ذلك الوقت على والدي، بأن دخلت عابسا وسارعت نحو يده وقبلتها ثلاثا، فيما كانت الأجواء مهيأة تماما من الجار نعيم ، فجاءت البهدلة أخف من المتوقع في مثل هكذا محرمات عائلية، انطلاقا من أن التأخر بالليل يفسد أخلاق الأولاد .

"وفي مرحلة مبكرة انخرطت بالعمل الوطني، بحكم وجود ظروف مواتية في ذلك الوقت سمحت لي بذلك، ففي عام 1975م ، عندما قسم العدو الصهيوني الحرم الإبراهيمي الشريف، إلى قسمين واحد للمسلمين والآخر للمستوطنين، اندلعت المظاهرات ، وتوالت المشاكل في تلك الفترة، وبدأ مسلسل العناء والاعتقال والعذاب ومنعت بعد تلك الفترة من الدراسة في مدارس نابلس، قدري طوقان ومعزوز المصري، حيث أنني كنت قد اعتقلت رغم صغر سني، وندرة الاعتقال حتى تلك الفترة من عمر الحركة الوطنية الفلسطينية" .

الاعتقال المبكر لعب دورا مهما وكبيرا في حياة حسام ، وحدد ملامح المستقبل والدرب الطويل الشاق والصعب، والذي سوف يميزه عن كثيرين من أقطاب العمل الفدائي والوطني ، ففي عتمة ليلة أل 23/11/1975م لم يردع الخوف أو الضرب الذي تعرض له حسام من قبل الإسرائيليين من إكمال مسيرته النضالية، بالإضافة إلى اشتعال انتفاضة عام 1976م حيث كان يوم الأرض الخالد. "قمنا بثوره حقيقية من خلال عدد كبير من المظاهرات اليومية صبحا وظهرا وعصرا وحررنا المخيم، واحرقنا دوريات المحتلين، مما أسس لحركة وطنية قوية وتجربة نضالية مميزة، والتي كان مركزها مخيم بلاطة، والذي قدم الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى، وفرض الاحتلال على سكانه نظام منع التجوال أكثر من أي مخيم أو منطقة فلسطينية أخرى" .

طفولة حسام تشكلت وبدأت من هنا، حيث مفترق الطرق ما بين الطفولة الحالمة المراهقة، والطفولة المعذبة التائقة إلى وطن حر، وكرامة ونشيد وعلم، لينحاز حسام بالمطلق، إلى العمل الوطني المستمر انطلاقا من مبدأ مواجهة مستمرة مع الاحتلال " إذا حزنت في يوم من الأيام أحزن على أنني أخذت من ساحة اللعب إلى ساحة الاشتباك والقتال، لكن على النقيض من ذلك، لا أندم على أنني دخلت في هذا الطريق، لكن أن يعيش الإنسان طفولته إلى عمر معين، إلى 16 أو 17 سنة، يكون أفضل من أن ينتقل بزاوية 180درجة ، ويستبدل البنور بحجر ويستبدل الطابة بعجل كاوتشوك، انه انتقال قصري، ونقلة نوعية ضخمة فاقت قدرتنا على التحمل، لكنها صنعت منا فدائيين، وهل هناك أجمل من الفدائي الطالع مثل النرجس من قلب الحكايات زغرودة جميلة".

التحق حسام خضر بحركة فتح في صيف عام 1978م بشكل رسمي، حيث اقسم قسم الإخلاص لفلسطين على ظهر الجبل الكبير الموازي لجبل جرزيم شرقا كما حدثني، واعتقل 24 مرة للتحقيق وحكم عليه مدة سنة ونصف في عام 1985م و7سنوات في انتفاضة الأقصى عام 2003م ، كما فرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله لمدة عام وصدر بحقه قرارا بالاعتقال الإداري، تحول إلى قضية أمنية ، وخاض تجربة دراسية صعبة في الدراسة الجامعية في جامعة النجاح الوطنية، وأكمل مشواره التعليمي في ظروف الاعتقال، والمطاردة والإقامة الجبرية ومنع دخول منطقة بقرار من قائد المنطقة الوسطى أيهود براك ومن ثم أوري أور.

اعتقل أثناء الإقامة الجبرية " صدر في حقي قرار اعتقال إداري ومن ثم حولت إلى التحقيق، بسبب قضية أمنية شائكة، وأمضيت بالسجن سنة ونصف ولكن بعد خروجي من السجن أصبت بالرصاص الحي، وكنت أول جريح مع الانتفاضة الأولى 11/12/87 وأبعدت بعد ذلك إلى جنوب لبنان، أنا وثلاث مبعدين منهم جبريل الرجوب ،وبالخارج بدأنا حياة جديدة بشكل جديد، فيها تذوقنا طعم الغربة ومرارتها، والاقتلاع والاجتثاث من حضن الأسرة الدافئة، ومن تربة الوطن الغالي ،وأعتقد أن الإبعاد هو عذاب دائم رغم حرية المكان، والقدرة على التنقل المستمر".

كان حسام خضر من أوائل المؤسسين للجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في فلسطين، ومن أوائل المؤسسين لحركة الشبيبة الطلابية في جامعة النجاح الوطنية، هو وعددا من الشباب " إذا كان هناك 5 مؤسسيين للجان الشبيبة للعمل الاجتماعي فأنا واحد منهم، مجموعة من الشباب بدأوا الفكرة لهذه اللجان وراحت تتبلور وتكبر ، وحملناها على أكتافنا ونشرناها مثل البذار في شوارع وحارات وأزقة مخيمات ومدن فلسطين، وبالعطاء المتواصل الشبيبة نمت وتجذرت، وقادت الحركة الوطنية الفلسطينية ، فالإنسان منا دائما كان إيمانه هو بوصلته اتجاه فلسطين ".

اعتقل حسام خضر في الجامعة حوالي 16 مرة تحقيق على مدى أيام طويلة، أسابيع وأشهر ما بين أعوام 1981و 1985م وأصيب إصابتين بالرصاص الحي، في مواجهات عنيفة مع الاحتلال ، عدا عن الحجز اليومي من الصباح إلى المساء، في كل المناسبات التي كانت تمر، وهو خارج الأسر ولعدة أيام .

تخرج من جامعة الكويت بناءا على برنامج مع جامعة النجاح، حيث قدم عددا من المواد في فترة الإقامة الجبرية والإبعاد ونال شرف أن رعى حفل التخرج القائد الفلسطيني الكبير صلاح خلف أبو إياد .

كان هناك تحديا واضحا بأن لا يتخرج حسام خضر من الجامعة ، "كانت المخابرات الإسرائيلية تدفعني إلى مغادرة فلسطين والرحيل عنها،وكانت العروض  سخية بقضاء 5 سنوات خارج فلسطين، ومن ثم أعود ،فهناك اعتقالات متكررة قبل كل امتحان أو كل مناسبة، والطلبات كانت متوالية باستمرار لي ولعدد من الشباب؛ منهم خليل عاشور والشهيد جمال منصور وتيسير نصر الله، وأنا اعتز بهذه العلاقة المتينة مع قادة العمل الوطني الفلسطيني من حماس، والجهاد والشعبية والديمقراطية ،وحتى أصغر تنظيم على الأرض لأن هذا يشكل الفسيفساء".

من أوائل المبعدين فعليا إلى جنوب لبنان في 13/1/1988م في الانتفاضة الأولى ولم يتجاوز أل 25 سنة من عمره، بعد اعتقاله جريحا، نفذ  قرار الإبعاد بقرار محكمة عسكرية صهيونية، تنفيذا لقرار سياسي أقره مجلس الوزراء الإسرائيلي آنذاك " لحظة إبعادي كانت قاسية جدا لكني لم أبك فالموقف يفرض عليك ان تتظاهر وتتماسك من اجل رجولتك، المفهوم الشعبي هو الذي يفرض عليك هكذا قناعات، لكنه مفهوم خاطئ تماما ، المشاعر الانسانيه يجب أن تنطلق في كل المواقف والظروف وعلى سجيتها".

"عندما عدنا إلى أرض الوطن في 5/4/1994م وسمعت خبر العودة كنت مع مجموعة من الشباب، بكيت كثيرا حوالي النصف ساعة وأنا غير قادر على منع نفسي من البكاء، ينزل الدمع من عيوني فأغسله، إلا أنه كالجرح النازف لا يتوقف ،إنها لهفة الحنين إلى وطن، كانت بتلك الفترة معي ابنتي أماني من مواليد تونس، كنت أعلمها أنها من يافا وبأن فلسطين وطننا، لدرجة أنها أصبحت تقول أن اسمها أماني حسام محمود خضر يافا، نعم تقول اسمها وتقرن بنهايته يافا ،وعند عودتنا ومغادرتنا مطار تونس كان مراسل التلفزيون الفرنسي (فسأل أماني" ايش اسمك؟ قالت له أماني حسام محمود خضر يافا "حكالها وين رايحة؟ حكتله بدي ارجع ع فلسطين اقتل اليهودي بالبلطة واشرب من دمه)".

"على الجسر كان القائد المشرف على عملية إدخالنا - مسؤول الإدارة المدنية - اعتقلني بيده أكثر من 10مرات فترة وجوده كمحتل، أنا لم أتعرف عليه وعرفني بنفسه ،وقال لمروان أنا اعتقلت حسام 10مرات شخصيا، وحسام مش عارفني بلكنة غربية مكسرة، فسلمت عليه عند ذلك عندما ميزته وعرفته ،أماني كانت بحضني، (قالت لي ليش يا بابا بتسلم على اليهودي اليهود كلاب، فقلي امعلمها قلتلها يا بابا فضحتينا جايين بالبدلة وما زبطت معنا ) نزلت على الأرض وركعت ركعتين حمد وشكر لله، وبكيت وقبلت ثرى فلسطين ع الجسر وكان بالنسبة لي ميلاد جديد"

"العودة كان وقعها كبيرا جدا على الأهل وخاصة أمي، حيث قضت سنوات طويلة من عمرها وهي تبكيني ، لأني غلبتها وعذبتها وأشقيتها وكنت دائما أكابر".

"فقبل الإبعاد بيوم حكمت المحكمة بقرار الإبعاد يوم الاثنين، وكانت أمي في زيارتي هي وأبي وأختي يوم الثلاثاء (قلتلها إذا ابتبكي بقوم، بديش اياكي قدام اليهود تبكي بتقولي قلبي على ولدي وقلب ولدي على حجر، قلتلها قلب ولدك من حجر)، طبعا لم أعرف قيمة كلامها إلا عندما اعتقلت وأنا أب، كنت اعتقل قبل ذلك وحتى الاعتقال 23 وأنا ابن (يعني مش سائل ما في قدامي ولا وراي )، فعندما اعتقلت وافتقدت أماني وأميرة وأحمد ،وبقي شخص احمد حاضرا في ذهني طوال فترة التحقيق، لأنه آخر ما رأته عيناي أمام المنزل، واقفا حزينا مكسورا وخائفا من هول ما رأى لحظة اعتقال أبيه، هذا  الشيء بقي داخلي، فكتبت رسالة اعتذار بعثت لأمي بها، وكانت أول رسالة عن قسوتي في العشرين أو الثلاثين سنة الماضية، وهي سنوات الإقامة في داخل السجن".

يتذكر حسام بكل دقة متناهية تفاصيل حياته ويومياته وعلاقاته " علاقتي مع أبو جهاد كانت قديمة قبل الإبعاد، من خلال العمل الوطني ،وبعد الإبعاد كان أبو جهاد من أوائل القادة الذين قابلناهم، فقرر في ذلك الوقت أن نكون مروان البرغوثي وأنا معه في القطاع الغربي، وطلب منا ان تكون هذه السفرة معه للإمارات في 12/4/1988م ،وبعدها نتفرغ لإعادة ترتيب الشبيبة في الداخل والطلبة في الخارج ،والمساهمة في قيادة القطاع الغربي ،ولكن تم اغتياله في 16/4/1988 وتمتنت علاقتي به أكثر في يوم12 /4 حيث كان معنا قبل خروجنا للسفر للإمارات، وعلى مدى أربع ساعات متواصلة يسأل ويستفسر، ويسجل الملاحظات التي أدلينا بها كشهادات عن مافيا القطاع الغربي، والسرقات وكل ما يتعلق بهذا الشأن.

أنا اعتبره من القيادات التي يجب ان يفتخر بها أي فلسطيني، هو إنسان مثقف وواع لماهية الصراع الدائر، هو حاضر دائما لاستنباط وسائل وأدوات أي مرحلة نضالية كانت".

في الخارج حصل حسام على لقب سفير الانتفاضة من ياسر عرفات في تلك الفترة " رافقت ياسر عرفات في جولات كثيرة أتحدث عن الانتفاضة، هذا ما دعاه إلى تسميتي سفير الانتفاضة، زرت تجمعات فلسطينية في أمريكيا اللاتينية وحتى شمال أوروبا، ومن الشرق للغرب أتحدث عن الانتفاضة ،ومعاناة شعبنا وحقوقه الوطنية والسياسية، وكانت علاقتي فيه في ذاك الوقت علاقة جيدة ومن المقربين إليه ، ولكن السياسة" بتفرق مش بتجمع" على أساس الموقف وعلى أساس الأداء ،وأنا من الذين يكون الانتماء الوطني لديهم هو البوصلة التي تحدد علاقاتي".

"اختلفت مع القائد والأخ ياسر عرفات حول أدائه، هو يدير الثورة على أساس أنا الثورة والثورة أنا، طبعا ليس منطقا سليما، نحن نتحدث عن الثورة، والثورة هي عبارة عن شعب يخوض معركة من اجل تحقيق أهداف، الأدوات والوسائل والشخوص التي كان يستخدمها ياسر عرفات، لم يكونوا يصلحون لمثل فترة البدايات؛ أي فترة العمل الفدائي الأول، وبالتالي ظهر تباين كبير بيني وبينه، وعند عودتنا للوطن في عام 1994م ، أنا ومجموعة من المبعدين قبل دخول قوات الأمن الوطني بشهر، كان عندنا تصور بأن مسيرة السلام ممكن أن تكون بداية لتحقيق حلمنا، ولكن بقينا بالأداء السلبي والفاسد، وبأن ياسر عرفات أراد ان يقود المشروع الوطني على الأرض تماما، مثلما قام بقيادته في الخارج بتجربة المنفى، في دولة ما عرفت بدولة الفاكهاني، أو ما نسميها نحن السياسيين بدولة الموز، أي دولة الكرتون، طبعا المنهح والأداء وعقلية الارتجال التي قاد بها عرفات الثورة، ما عادت تصلح لقيام كيان سياسي، قد يرتقي إلى حكم ذاتي محدود، على جزء من الأرض وجزء من السكان، إلى سلطة وطنية أو إلى دولة فلسطينية ".

"خضت بعد ذلك تجربة  الانتخابات، وكان عندي نية وهدف ضمن كتلة فتح والقائمة التي انتمي إليها، ولكن ياسر عرفات كان قد أخذ مني موقفا وبالتالي منع ترشحي ضمن القائمة، رغم فوزي ب "البرايمرز" في أواخر عام 1995م "

"علاقتي مع أبو عمار كانت علاقة مد وجزر، على  الصعيد الشخصي والوطني كنت أحبه واحترمه، كان يقول لي أنا أرى فيك شبابي قال لي ذلك معاتبا إياي على محاربة الفساد ، في بيت لحم في كنيسة المهد ، فقلت له  يا أبا عمار أنا أعيد استنساخ شخصيتك، وكان أبو مازن وجبريل الرجوب وأبو ردينة وجميل الطريفي معه في ذلك الوقت، قلت له أنت كنت حالة تمرد على واقع خانع في الستينات والسبعينات، قال لي كان وراي الملك فيصل، فقلت له وأنا وراي ياسر عرفات، فضحك وضمني، أنا لا أنكر اختلافي مع ياسر عرفات، وخاصة ياسر الإداري الفاشل، لأنه استخدم "أوسخ ناس"، وعطل المؤسسة وتجاوز القانون، وأنا أقول لو أننا  ابتعدنا عن اللحظة السياسية، والتأثير العاطفي والانبهار والانجذاب برمزية القائد ، لكنا تحررنا من فكرة العبودية الشخصية ، وأنا أتوقع أن يكتب عن ياسر عرفات الكثير مما لا نتوقعه مستقبلا"

"قرأت بوعي وعن كثب تجربتنا الفاشلة بالمنفى بحكم 7سنوات من الإبعاد عشتها في أرجاء العالم، وبالتالي خضت الانتخابات كمستقل ضمن "كتلة الحرية والاستقلال" ، فزت في هذه الكتلة وكانت في 20/1/1996م ، ومارست دوري كانسان اخذ عهدا وميثاقا غليظا من شعبه، وأعطى شعبه كلمته وكل ما يملك ، وبالتالي أنا حافظت على قدسية هذا العقد الاجتماعي ، وكنت بحق "الصوت الجريء المدافع عن حقوق الشعب" ولا زلت ولسوف أبقى، وهو شعاري الانتخابي الوحيد والأوحد، شعار بسيط جدا ،وأنا أعتبر نفسي مؤمنا بعدالة قضيتي ، ومستعدا للتضحية في سبيلها، وبالتالي جرأتي تتأتى من هذه القناعة ،وشاركت في الحركة الوطنية الفلسطينية مع بداية الحركة الشعبية العفوية، والتي تشكلت في بدايات 1976م".

وأما الحلقة الضيقة من الشباب الشهداء، الذين كانوا إلى جانب حسام في حياته، منهم ياسر البدوي وجمال منصور وإسماعيل أبو القمصان  وجهاد عمارين ومحمود طوالبة " كل هؤلاء الشهداء المذكورين ( نفسي أبكي بعترف انه كان الهم وقع كبير علي).

"جمال من الأناس الذين كان له تأثيرا كبيرا في كافة محطات حياتي، بحكم انه كان جارنا رقم 3،وكانت تجمعنا مناسبات كثيرة ،وأعتبره من القادة المميزين لشعبنا،حيث أنني كنت أتلاقى كثيرا مع جمال في كثير من المواقف السياسية وفي التحليل أيضا، أنا أعتبره من المفكرين السياسيين الذين أناروا الطريق للشعب الفلسطيني، وهو من المساهمين في تجربة العمل الوطني والنقابي في جامعة النجاح ،وإسرائيل اغتالته لأنها كانت تعتبر جيل جمال منصور، هو الجيل الذي يحاربها، وأن جمال منصور هو القائد الفعلي لكل المجموعات العسكرية التي انطلقت، وهو من المؤسسين الأساسيين لحركة المقاومة الإسلامية حماس ".

"وأما ياسر البدوي بعتز فيه ،أعتبرته مثل أولادي، كنت بالسجن أزرع بالأطفال حب الوطن والوطنية، وبالتالي هو من الأناس الذين افتقدهم شعبنا مثل ما أفتقدهم أنا ،وهو من أجرأ وأصدق من حمل السلاح وقاوم ".

"أما إسماعيل أبو القمصان وجهاد عمارين ؛ فهم من الإخوة الذين التقيت بهم وتقاطعت معهم بشكل كبير،وكان هناك تناغم بيني وبينهم ،أكان في الموقف أو الأداء، أما جهاد فعشت معه تجربة غنية في الخارج ،وهو أحد مؤسسي وقادة القطاع الغربي، والذي كان له تأثيرا على جماعات قوية في فلسطين ،وهو من الذين شاركوا في تأسيس كتائب شهداء الأقصى جنبا إلى جنب مع ياسر البدوي، وناصر عويص وماجد المصري".

أما بالنسبة لمحمود طوالبة، فهو نموذج للإعجاز الفلسطيني المقاوم وهو من أبرز قادة معركة مخيم جنين ، ويكفينا فخرا أنه قاوم حتى الرمق الأخير، فهو بطل من أبطال شعبنا الفلسطيني كما القسام وأبو جهاد وغيره".

"كل هؤلاء الشهداء افتقدهم كثيرا لأن استشهادهم "قسم ضهري"، وخاصة ياسر البدوي الابن والأخ والصديق والفدائي ، صدقا انه رجل جريء صاحب منطق ورؤية وذو شجاعة خالدة ، ومن النادر أن تري أناسا قلبهم قلب أسد بدون مبالغة "

وأما الحلقة الأقرب لحسام من الأسرى، مروان البرغوثي وناصر عويص حيث أن علاقته تاريخية منذ سنوات السجن ،وحتى الجامعة إلى الإبعاد وسنوات تأسيس اللجنة الحركية العليا، وقيادة فتح من حالة السرية وحتى العلنية، ونقل فتح من الإطار المركزي المنغلق، إلى إطار ديمقراطي مفتوح .

"مروان أعتبره  من القادة الحقيقيين في الشعب الفلسطيني وأتمنى له ولناصر عويص ولجميع الشباب بالفرج العاجل، للأسف تاريخنا المكتوب لا ينصف الأبطال إلا بعد وفاتهم، لأن من يكتبون التاريخ هم مجموعة من الجبناء المرتزقة المدسوسين على شعبنا، وبالتالي هم يحاولون أن يطمسوا تاريخ وحضور مروان أو ناصر، كمؤسسين في حركة هذا الشعب".

أما انتفاضة الألفين – انتفاضة الأقصى - ولدت من رحم معاناة اليأس الفلسطيني، أي من حالة الشلل الذي أصاب القضية وفشل العملية السياسية ، هي جاءت كمعجزة وكمسيرة إعجاز " القيادة في الشعب الفلسطيني هي قيادة فاشلة وجبانة، وبالتالي لم تستطع ان تستثمر هذه الطاقة الشعبية الجماهيرية العظيمة، المتدفقة والمفطورة على التضحية والبطولة والفداء، قيادة جاءت على مذبح مصالحها وخوفها وجبنها ، وخافت من تقديم أي ثمن يذكر في سبيل انجاز أهداف الشعب الفلسطيني ، لدرجة أنها أصبحت وبال علينا، الانتفاضة في السنوات الثلاث الأولى كانت رائعة، وكان من الممكن البناء عليها كما انتفاضة 1987م ، التي استعجلت فيها قيادة تونس الهزيلة البناء على نتائجها الأولية، وجاءتنا باتفاق أوسلو الهزيل، دون الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، لأنها قيادة مصالح، قيادة قايضت الاقتصاد الشخصي والمنفعة الشخصية  بأمن  جماعي لإسرائيل على حساب مستقبلنا الوطني والسياسي".

يسرد حسام بسهولة تفاصيل انتفاضة الألفين ووقعها عليه " قدمت 6 سنوات من عمري في السجن، والسبب كان أن إسرائيل اتهمتني باتهام خونه متنفذين في السلطة الفلسطينية لي ،بأنني أنا  الذي قمت بفتح خط مع إيران وحزب الله لكتائب شهداء الأقصى".

"عند ما استشهد جمال منصور وجمال سليم تحدثت بالفضائيات عن أننا  كسلطة،تركنا الجواسيس يعيثوا فسادا في الأرض، وطاردنا المقاومين، وزجينا فيهم بالسجون ،وبالتالي جهاز المخابرات قدم بيانا بأنني سافرت إلى إيران، والتقيت بالحرس الثوري الإيراني، وقادة حزب الله وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله تحديدا ،وأنا فعلا كنت قد التقيت بالجميع في إيران، لا أنكر ذلك وصوري تدل على تلك المقابلة ، وطبعا النسخة التي نزلت في البيان هي في 2/8/2001، وهي ذات النسخة التي بعثت إلى ياسر عرفات ،والنسخة التي بعثت لجهاز المخابرات الإسرائيلية حول تقرير موقف في شهر 5 – أيار ، وكنت سافرت مع فيصل الحسيني وأبو الأديب سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني، وأقمت علاقات مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني ،وأنا الذي كنت ممولا لكتائب شهداء الأقصى، من أجل تنفيذ عمليات استشهادية، ودفعت ثمن خيانتهم 6 سنوات من عمري، تركت فيها ابني أحمد بالروضة، وخرجت لأجده بالصف الأول إعدادي" .

"بعد ذلك تمت عملية الإفراج من خلال المباحثات من قبل الأخ الرئيس أبو مازن، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت ،وكانت إسرائيل رافضة الإفراج عني قبل ذلك، وكان الشاباك مصرا بناءا على مجموعة من الاعترافات، على أنني لدي المسؤولية الكاملة عن عمليتين عسكريتين ذهب فيهن عدد من القتلى الإسرائيليين، ولكن قطفت ثمن صمودي بالنهاية ، لأنهم لم يجبروني على الاعتراف بكلام لم أفعله ، وباعتقادي أن يتعذب الإنسان أول 100 يوم في التحقيق، ويصمد فانه في النهاية سيقطف ثمن هذا العذاب سنوات لعمره" .

فتح حسام الباب لذكرياته وأطلق العنان لذاكرته مع بريق الماضي ومع وقع ساعات الاعتقال " قبل اعتقالي بسنة دخلوا بيتي في اجتياح المخيم في 28/2/ 2002م وزرعوا في المنزل أجهزة تنصت، وقدموا كل الأدلة المادية والحسية في ساعات اعتقالي الأولى، الأمر الذي لم يكن يعني لي شيئا لان الصمود هو الحل لدي".

"الأسر صعب جدا فهو مصادرة للحريات وللإرادة ، هو قهر وحرمان من الحرية من الأهل، من الحياة بكل مقوماتها ،هو عملية صعبة جدا، ولا يمكن معرفة قساوتها إلا لمن عاش تفاصيلها ، التعذيب كان قاس جدا ، في سنوات ما قبل العام1999م، كان التحقيق يقوم على استخدام العنف الجسدي لأبعد حد ممكن ، لإجبار الجسد على إخضاع الروح والنفس معا على الاعتراف، والآن اقترن التعذيب الجسدي، مع تحقيق نفسي كبير، فهذا الجانب تأثيره أقوى من الجانب الجسدي، أن تجلس من الأحد صباحا وحتى الخميس مساءا على نفس الكرسي، موثوق اليدين للخلف، والرجلين بالأرض والكرسي مربوط ،ويمنع عليك النوم أو الذهاب للحمام، تمنع من الصلاة من الأكل ومن ممارسة أي شيء على مدى أيام وليالي".

"الإنسان يجبر على مثل هذه الوضعية، وهو يسير نحو مجهول أنت تعرف أن هذا الجهاز عنده القدرة على استخدام كل وسائل القهر والإذلال والتعذيب بحقك، أنا عشت 55 يوم بعزل مطلق  لم أرى إنسانا سوى ضابط التحقيق"

"في عكا عشت أياما صعبة جدا وفي "بتاح تكفا"وبالجلمة كان التركيز علي كبيرا ومركز،لأني عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني ، وهذا العضو يريدون أن يدينوا السلطة من خلاله، وحتى مروان وبالتالي يريدون نزع اعتراف تحت كل الظروف مهما كان الثمن".

تابع حسام نسج خيوط حكايته في السجن " كانت أيامنا شبيهة ببعضها البعض داخل السجن، صحوة مبكرة، رياضة صباحية وتناول الإفطار الفقير بمحتوياته، كتبت في السجن125 دفتر مذكرات يومية ذات انطباعات ورصد لأحداث، روايات عديدة وقصص ومنها قصة اعتقالي،  وكانت هناك 3 ساعات نخرج بها من داخل الغرف كنت استغل تلك الساعات بإعطاء دورات وأخذ دورات، وبالنسبة للأحداث اليومية التي تحدث على الأرض كانت تصلنا إلى السجن صحيفة القدس ، فعندما كانت تصلني تصل وقد مر عليها أسبوع أي" أخبار بايتة " فقدمت طلبا للإدارة بأن يكون لي اشتراك خاص، لتصلني صحيفة يومية فأصبحت أقرأها ومن ثم أوزعها على باقي القسم".

أطلق حسام لقلمه العنان في سجنه ليكتب عددا من الدراسات ومنها" نحن الفاتحون"

وهي دراسة مقارنة عن انتفاضتي 76م و82م وفيها كيفية الإعداد لمظاهرة أو مسيرة أو انتفاضة ،وأساليب المقاومة الشعبية التي يمكن استخدامها من المونوتوف وحتى الطعن بالسكين والخنجر، وهي مهداة إلى الأشبال .

"التآكل الثوري "وهي دراسة لظاهرة الخيانة في أوساط الفلسطينيين، لماذا الإنسان ينهار ويخون؟؟ حيث وصفت اللحظة التي ينكسر فيها الإنسان الوطني، ويصبح في الصف المعادي لشعبه ، وجاءت الفكرة من خلال شخصين أعدمتهم الشعبية عام 86م ، في السجن قرأت ملفهم ، وكتبت قصة بعنوان "الأفعى".

ودراسة "فلسفة القرار التنظيمي" .

و "تجربة لجان الشبيبة في العمل الاجتماعي" وهذه الدراسة كلفني بها أبو جهاد عام 88م، وتوفي قبل ان يقرأها حيث أنهيت منها الجزء الأول

وكتبت دراسة عن "لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي "، من حيث ظروف تأسيسها وتجربة المخيمات بلاطه كنموذج.

وأيضا دراسة "النقد والنقد الذاتي في حركة فتح" , و "الاعتقال والمعتقلون بين الاعتراف والصمود".

مع هذا كله دفع حسام ثمنا اجتماعيا غاليا ،دفاعا عن عدد من المواقف السياسية المختلفة مع غيره " أم جهاد –انتصار الوزير- عزيزة على قلبي وهي من أوائل من احتضنا ،وهي مناضلة وأنا لا أنكر ذلك، ولكن للأسف الأخت أم جهاد، قدمت طلبا لرفع الحصانة عني، لأني أتكلم حقائق عن واقع الفساد، وعن تهريب أكثر من 50مسؤول في السلطة لأولادهم، وأموالهم في بداية الانتفاضة إلى خارج الوطن، وكان لدي عددا من البينات وتحديت ياسر عرفات ضمن لقاء متلفز مع مروان كنفاني، أن يضحد أقوالي، وإذا ضحد أقوالي فسأقوم عندها بتقديم نفسي للقضاء".

"أنا أجبت أم جهاد وقلت أنها تفتري علي وكان الرد قاسي، أنا لم أتمنى أن أصل لمثل هذه اللحظة، مع أخت مناضلة وقوية وعزيزة، ولكن أنا هاجمت أم جهاد السلطة، وليس أم جهاد الثورة أو فتح أو التاريخ، أم جهاد كانت في لحظة معينة في أدائها داخل مؤسسة الشؤون الاجتماعية فاسدة إداريا وماليا وكانت مقصرة ".

"يلومني البعض بأنني أذكر أسماء في هجوماتي ،نعم أنا أذكر أسماء أشخاص فاسدين من ياسر عرفات وحتى أفسد مسؤؤل بالمنظمة أو بالسلطة، أنا لا أعمم الفساد ولست مثل الناقدين جبناء، يقولون ان الفساد طام وعام ولكن أنا أقول أن الفساد يتمثل في س وص وع "

ومع خلال مسيرته، لم تخل هذه المسيرة من عداوات لدى حسام "هناك عداوات كثيرة جدا ،كل فاسد أو رمز من رموز الفساد ، وكل مسؤؤل في مؤسسة أمنية اعتدى على حق من حقوق الإنسان والمواطنة، أنا اعتبره عدوي، وكانوا لا  يتوانوا  بالتعبير عن العداوة، شعرت بهذا في انتخابات المجلس التشريعي الأولى وباعتقالي أيضا، شعرت بهذا في محاولة تغيبي حتى وأنا معتقل ،عن تواصلي وتأثيري في الحياة السياسية والفلسطينية من خلال اللقاءات والتصريحات، من خلال التحريض على هامش المحاكم والمقابلات الصحفية أيضا، وحتى بعد خروجي من المعتقل لا زالت للآن دائرة عداءات كبيرة تلفني"

ويكمل حسام على أثر سؤال علاقته بعبد ربه "هو شخصية مهتزة ، وللأسف الشديد أخذ شهادة حسن سلوك من الإسرائيليين والأمريكان، هذه الشهادة تقدم بها إلى ياسر عرفات وحصل على وظيفة متقدمة ،وتقدم بها إلى أبو مازن وحصل على وظيفة متقدمة  أيضا ،وهو لا يستحق شيء، هو انشق عن تنظيمه وخان قائده ومعلمه نايف حواتمة، وبالتالي هو قدم وثيقة جنيف وأبدى استعدادا للمفاوضات مع بعض القادة الإسرائيليين، وأنه على استعداد ان يتنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وهذا جواز سفر وعبور ترك المجال لشخص مثله أن يكون في منظمة عاجزة وفاسدة ومنهارة،  بأن يكون أمين سرها ".

"احد مشاكلي التي كانت مع ياسر عرفات أن أوسلو تجاوزت حق عودة اللاجئين، فبعد اتفاقية أوسلو حيث خلت من أي إشارة ضمنية لحق  اللاجئين الفلسطينيين، وأرجأت هذا الملف إلى الحل النهائي، بعد ان يثبت الفلسطينيين قدرتهم على النجاح في المرحلة الانتقالية، التي كان عمرها 5 سنوات، وبالتالي عندما عاد أبو عمار من المنفى إلى ارض الوطن وألقى خطابه التاريخي في غزة، ومن ثم في أريحا لم يشر لا من قريب ولا من بعيد،بحق اللاجئين وحل قضية اللاجئين ضمن قرار194".

"فأنا احد الذين بادروا بإرسال عدد من الدعوات لعدد من الكوادر والمؤسسات والقرى والمدن، وعقدنا اجتماع في مخيم عسكر حضره قرابة ال100 شخصية ،وخرجنا بتشكيل" لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين"، هذه اللجنة مباشرة انتقدت  خطاب الرئيس ياسر عرفات واتفاقية  أوسلو، وبدأت تحرض على ان أي حل يتجاوز قضية اللاجئين، هو ليس حلا عادلا، وبدأنا نشكل حالة ارق سياسي لياسر عرفات ،وللقيادة السياسية الفلسطينية ان صح تعبير قيادة هنا،وبعد ذلك قمنا بسلسلة أعمال ونشاطات وأحيينا ذكرى النكبات، سواء ال50 أو ال56 أو غيرها، وتصدينا لمواقف كثيرة من بعض الدول التي كانت جاهزة لتقديم مشاريع تصفوية لقضية اللاجئين، أطلقنا وثيقة شرف عائليه عائدون، والتي وقعناها  بالدم وكان معنا فيها الشهداء جمال منصور وأبو علي مصطفى وعدد كبير جدا من الشرفاء، وكانت بداياتها (نقسم بالله العظيم وبدماء الشهداء، أن لا نتنازل عن حقنا في العودة إلى بيوتنا وقرانا ومدننا ،وان لا نقبل أي تعويض مهما كان مقابل حقنا الفردي والجماعي القانوني والسياسي،والتاريخي والإنساني في العودة إلى فلسطين ، كما نرفض التوطين أو الدمج أو إعادة التأهيل كبدائل عن حقنا في العودة، ولا نفوض أيا كان بالتنازل باسمنا عن حقوقنا الوطنية) وهذه كانت تشكل حرج سياسي لياسر عرفات وللقيادة التقليدية"

شعرت في نهاية الحوار الطويل أن ذكريات حسام خضر ربما تحتاج إلى مساحة ورق أوسع كثيرا من رداء بروفايل ضيق المقاس لتاريخ متدفق ينبض بالبطولة والفداء والتفاني والعطاء . حسام خضر كان وسيظل الصوت الجريء المدافع عن حقوق الشعب.

 

فلسطين السدة -طالبة إعلام سنة رابعة / جامعة النجاح الوطنية نابلس

*/خاص/PNN

 



  أضف تعليق
الاسم الدولة
التعليق

  تعليقات من الزائرين

1) اسراء الصفدي
مقالة غاية في الروعة رائعة رائعة رائعة من هان لحد القمر.سيد حسام أنا بانتظار نشر قصة ميلادك ودراستك (نحن الفاتحون)وبتمنى انك تنشرهم على صفحات موقعك المتميز.أسعد الله أوقاتك دائما وأبدا.

2) ولاء حسني
تقرير جميل جدا واسلوب راقي في السرد والتعليق وهذا ان دل على شيء فانه يدل على مدى ما تعزك يا استاذ حسام الطالبه فلسطين السده

3) أنين الدمع
مش لهدرجة يا ولاء حسني أكيد لكل بعز الاستاذ حسام خضر والله رمز من رموز شعبنا الفلسطيني وبنحط عالجرح بطيب

4) سامح السده
انا لا اريد شكر اختي فلسطين لان الشكر قد وصل بهذه المقاله المعطره لرجل عظيم فمن لايعرف حسام خضر لايعرف ما هي اصل فتح ولا يعرف من هم شرفاء فتح فهو الباقيه المتبقيه من الشرفاء الله يقويه ويفك اسره والى القدس وكما قلت يا حسام اذا كان الكلام من ذهب فالسكوت خطيئه فأنت لم ولن تسكت

جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email