ممنوعون من الشجب

عدلي صادق                                                                                                                                   2003/03/31

كان المناضل القائد، مروان برغوثي، أحد المؤيدين للتسوية، علي الرغم من غموضها وخداعها، علي مستوي نصوص الاتفاقات. وكان المناضل النائب، حسام خضر، من مؤيدي التسوية، وممن لا يحبذون العمليات الاستشهادية. وكان القائدان الوطنيان تيسير خالد، وعبد الرحيم ملوح، ممن انخرطوا في وضعية التطبيقات الأولي لـ أوسلو بالعودة الي الوطن، وبالحصول علي تصاريح التنقل، وبالمشاركة في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. بل إن الأول، هو من قيادة الفصيل الذي طرح فكرة التسوية، ونَظَّر لها، مبكراً؛ بينما الثاني (ملوح) كان ممن يُشار اليهم بالبنان، في داخل فصيل الجبهة الشعبية وخارجه، باعتباره معتدلاً ومتفهماً لضرورات التسوية المتوازنة. أما الشيخ المناضل حسن يوسف، من حركة حماس ، فقد عُرف بصوته المستنير والمعتدل. غير أن هؤلاء جميعاً، يقبعون الآن في السجون الإسرائيلية، ويواجهون اتهامات أمنية تؤكد علي أن الاعتدال الفلسطيني، ليس أقل إزعاجاً من التشدد، بالنسبة لحكومة إسرائيلية فاشية عنصرية متطرفة، تريد شريكاً فلسطينياً، يلاعبها لعبة عدميّة، لكي يكون بمقدورها أن تُدينه، ومن ثمَ أن تغلبه، بما يتوافر لها من تأييد أمريكي مادي وسياسي، بحيث لا يُسمح للمعتدلين من الجانبين، بالاقتراب ولو بصفة متفرجين!
النائب المناضل، حسام خضر، عُرف بحدته في التعريض بالفساد وبالفاسدين، وعُرف بتجرؤه علي "المقامات العُليا" في هذا السياق. وكان لفرط حماسته لقضية شرف العمل الوطني العام، يتزيّد في ذِكر أسماء من يعتقد أنهم فاسدون. وكنت أؤيد معظم ما يقول، لكني عاتبته علي التعرض لأسماء لا علاقة لها بالفساد. وما زلت أقدر أخي حسام وأعتز به، وقد تألمت لاعتقاله مثلما تألمتْ أسرته. ولعل هذا الاعتقال، يثبت للمرة المئة، أن الإحتلال ليس ضد الفساد، مثلما أثبت (هذا الاحتلال) أنه ليس مع الاعتدال، ولا يطرب لأصوات المتفهمين للتسوية، ولا لآراء غير المُحبذين للعمليات الاستشهادية في مدن الداخل، مثلما لا يطرب للكلام الجاد والقطعي، عن ضرورة اجتثاث آفة الفساد وشخوصها الكريهين!
بعد تجربتنا الطويلة، مع هذا الاحتلال المجرم البغيض، الذي لم يتوقف عن القتل اليومي للأطفال، ماذا في وسع من يعتبرون أنفسهم معتدلين فلسطينيين، أن يقولوا عن عملية نتانيا التي وقعت أمس. فقد أصبح شجب العملية، أو التعبير عن عدم الرضا عنها، مزعجاً للاحتلال، مثلما هو الترحيب بها. وربما يتقبل هذا الاحتلال، شجب عملية نتانيا، من المتعاونين معه من حُثالة المجتمع، أو من العملاء، أما رفض الشرفاء لعملية كهذه، فإنه يزعج حكومة شارون، لأن هذه الحكومة لا تريد لمعسكر الشرفاء أن يؤسس لغته، أو أن يتأهل للشراكة في التسوية المتوازنة، التي لا تريدها هذه الحكومة. فشارون ومن معه، ساهرون علي احباط جماعة التسوية وعلي إضعاف معسكرهم، ولا يفتح مجالاً أمامهم للحركة، إلا عبر القنوات السرية، وكأنهم جرذان. وكأن الجرذ يمكن أن يتطور ذات يوم، ليصبح رجل مرور، ينظم حركة السير للبشر، علي مفترقات الطرق!
نحن لا نتردد ولا نخشي أحداً إن قلنا، بأن الإدانة الفلسطينية لعملية نتانيا، ستكون مدوية وفعالة، لو أن الاحتلال أوقف القتل، أو لو أن هذه العملية جاءت بعد شهر ـ مثلاً ـ علي صيام العدو عن إزهاق روح أي طفل، أو لو انتهي التطفل علي الطرق وعلي المدن وعلي القري، وعلي الشجر وعلي الحجر. فعندما تتوقف الجرائم، يتعزز معسكر المعتدلين، أما عندما يحرص العدو علي إضعاف هذا المعسكر، ويتعمد إحراج موقفه، ووضع آرائه في مواضع السخرية، مع الزج ببعض المناضلين من رموزه في السجون، يكون المعتدلون ممنوعين من شجب العمليات، إن لم يكن مدفوعين للاعتقاد بأنها الرد الطبيعي من فتية غاضبين، لا يمثلون دولة عضواً في الأمم المتحدة، ولا يمثلون جيشاً جراراً، علي جرائم ترتكبها دولة عضو في الأمم المتحدة، ويرتكبها جيش هذه الدولة الجرار، الذي أدمن قتل الأطفال وإزهاق الأرواح بدون تمييز!
 

 

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com