كازينو إسلام ... ناطق إعلام

 في خضم العملية العسكرية العدوانية الصهيونية على شعبنا والتي أطلق عليها إسم عملية "السور الواقي" أعادت إسرائيل احتلال كافة مناطق السلطة في الضفة الفلسطينية، ورفعت من وتيرة الاغتيال والاعتقال والإذلال الجماعي لشعبنا بالحصار والإغلاق وحظر التجوال على قرابة مليوني فلسطيني…

باستئناء قصر في رام الله، كان يحمل من فيه إذناً بالحركة والإتصال والتنقل والتجوال مع تغيير بسيط في شخوص المرح المأساوي.. إستبدال الحراس الفلسطينيين بدوريات الاحتلال ودباباته ومجنزراته.. ورتبت الأجواء من أجل تصعيد هذا المحمي طبقات أثيرنا واحتلاله مجال سمعنا وأبصارنا عبر الفضائيات والإذاعات ووسائل الإعلام..

وعلى بعد أمتار كان هناك كوكبة مشرقة من خيرة مناضلي وقادة حركتنا الوطنية، يتعرضون لقصف الأباتشي والدبابات، الأمر الذي شكل تهديداً حقيقياً لهم جميعاً. ودمرت المباني عن بكرة أبيها وأحرقت.. وفيما هم لا يجدون شربة ماء.. كان رواد القصر يحتسون كل أنواع الحرام مشروباً كحولياً، نخباً بكل ما يجري واقتراباً للحظة الانقضاض.. هؤلاء حلموا بالمشهد الأمريكي الدموي.. وتخيل بعضهم أنه كرزاي فلسطين.. قاب قوسين أو أدنى من قيادة هذا الشعب المنتفض والعصي على الغزاة والمتخاذلين والأنذال المتواطئين مع الأعداء المطاردين حلمنا ليل نهار.

القصر والخمر ورائد اثيرنا المبجل دبابة وطائرة وشهيد وأسير ومحاصرين..

قطبي المعادلة الآن في لحظات الفصل التاريخي لشعبنا وحين أصبح المتابع لخبرنا الفلسطيني لا يرى في الأفق ولا يسمع في الأثير إلا محمد رشيد أو خالد إسلام أو كرزاي أو مردخاي.. لا فرق.. فالهدف حقير.. والنشوة تعتلي البسمات وترسم القسمات على وجه لن أقول أنه دخيل.. بل ليس وطني شريف في كل الأحوال والأشكال..إتصلت باليوم الأول بعدد من الأحبة والأصدقاء ورفاق الدرب هنا هنالك، قلت إن عليّ أن أشاور، ممارسة ديمقراطية بحكم العادة والنشأة وليس بفعل تأثير المجلس التشريعي على سلوكي ومنهج تفكيري، وليتني لم أشاور أحداً منهم، فالجميع حذرني وبتشديد أن أضبط أعصابي وأحبس كلماتي كما شعبي كله محبوس.. وأن لا أهاجم رواد القصر والناطق باسمه بالاسم..

في الليل شعرت أنني ارتكبت جريمة نكراء.. قلت لا بد من إسكات هذا الصوت المحتفل بدمنا كأس خمر في يده الموسومة بالعار.. وهذا تجاوز العرف وخلته للحظة أنه "الوسيلة بورقيبة" الجديد في ظل انقطاع الكهرباء عن الرئيس ومصادرة كلماته ودوره وفعله!!

الله أكبر قلت! خسىء الدخلاء العابرين في تاريخنا العريق ولم أشاور .. لكن كلمات الإحباط ومكالمات التخنيع والتركيع والتيئيس والتخويف والتهديد لم تتوقف..

ثم جاءت كلماتي بلسم روح الشرفاء من أبناء شعبي حيثما كانوا.. وتراجع المعتلون أثيرنا على ظهر دبابة إسرائيلية وعادوا إلى جحورهم..

أتساءل؟؟! ماذا لو لم أنطق بكلمات الحق والحقيقة.. ماذا لو بقيت صامتاً نزولاً عند ميزان الذهب لجيلنا الثوري العقلاني المتردد المعقود بلسان حال مصالحه الشخصية؟! ألم تنخدع مسامعنا بمعسول كلامه التافه والكاذب والمضلل.. ألم يسيطر على عرشنا لأيام كناطق باسم الشهيد والأسير والطريد.. ألم يدنس تاريخنا ونضالنا، وأقلق شهداءنا على مدار الأيام الثلاثة العصيبة تلك جوالاً عبر الفضائيات، محتكراً إياها كما المال والإسمنت والشاليهات والكازينو وكل شيء في حياتنا المعاصرة.. لأننا كنا وما زلنا نشكل "حلف الصمت القاتل"؟! لشعبنا!!  ؟؟؟ متى سندرك أن الكلمة موقف .. وأن الكلمة حق وأن الحق والموقف مطلوبان أبداً مهما كان الثمن.. إذا كانت أرضيتهما كرامة وأصالة وحرية وحقوق شعبنا!!!

 من مذكراتي في الحصار    

نابلس/ نيسان 2002    

 حسام خضر       

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com