حق العودة, قرار اللاجئ وليس قرار السياسي

بقلم رمزي بارود*

لم يعكر صفو الهدوء النسبي والحذر الذي عم بعض أجزاء الضفة الغربية، وخاصة مدينة رام الله، التي لا تزال محاطة بمدرعات وناقلات جنود الجيش الإسرائيلي, إلا جمهور من الفلسطينيين الذي هاجم أحد مراكز البحوث في الضفة الغربية, هاتفاً بغضب وبإصرار أن حق العودة للاجئين الفلسطينيين هو حق شرعي لا جدال فيه.

من النادر أن يحدث أمر مؤسف كهذا في رام الله العنيدة التي تعتبر شعلة الوحدة الوطنية بين كافة فصائل المقاومة. ولكن الأمر هنا ليس خلافاً نشب حول أيديولوجيات متعارضة أو تجاوزات سياسية من قبل شخص أو فصيل, بل استهجان جماهيري ضد استطلاع للرأي نُسب للمركز الفلسطيني للبحوث والدراسات المسحية ومركزه رام الله. استطلاع الرأي ذلك ادعى أن بعد استبيان وجهات النظر للاجئين فلسطينيين في الأراضي المحتلة, الأردن ولبنان, أُستنتج أن أقل من عشرة في المائة منهم يرغبون في العودة إلى الأراضي التي احتلت من قبل إسرائيل عام 1948.

يصعب التصديق أن الاستطلاع ذلك عبر بنزاهة عن وجهات نظر اللاجئين والذي يضيق بهم الحال يوماً بعد يوم بالرغم من مرور عشرات السنين على طردهم من فلسطين. فهاهي مخيمات لبنان ترزح في فقر مدقع وبؤس لا تفلح الكلمات في وصفه. حتى العراق الذي وجد فيه اللاجئون الفلسطينيون وضعاً مغايراً لما وجدوه في دول عربية أخرى يُهجرون مرة أخرى, حيث يرزح الكثير منهم في خيام قدمت اليهم من قبل أحدى المنظمات الدولية المتفرعة من الأمم المتحدة. من الصعب التصديق بأن شعباً يعيش تحت ظروف كهذه, ابتداء من جنين مرورا بعين الحلوة, إلى اليرموك ثم الوحدات وعودة إلى البريج والنصيرات, قد نسى حقه الشرعي الذي تعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة التذكير فيه عدة مرات في السنة الواحدة.

أصدر مركز البحوث في رام الله بياناً وضح من خلاله أن نتيجة الاستطلاع لم تأتي بالصورة القاتمة التي رسمها البعض, وإنما أعادت التأكيد على أن حق العودة هو أحد الشروط التي يجب أن يحصل الفلسطينيون عليها من أجل أن يكون هنالك سلام دائم وعادل. نرجو أن يتضح هذا الأمر أكثر لكي يبقى الصف الفلسطيني موحداً في مواجهة المحاولات الإسرائيلية الكثيرة لشطب حق العودة, والموثق في قرار الأمم المتحدة 194لشهر ديسمبر من عام 1948, فهذا الحق هو بلا جدال أساس النكبة ورمز النضال الفلسطيني، وبلا شك المحور الأساس لأي سلام يقبله الشعب الفلسطيني.

بالطبع الاعتداء على المؤسسات الفلسطينية من قبل أبناء الشعب الفلسطيني ليس أسلوباً يُقتدي للحوار. ولكن أيضاً على الجميع أن يتفهم موقف أبناء الشعب الفلسطيني الذي أعتاد أن يرى حقوقه الشرعية تباع وتشترى بثمن بخس. هنالك حالة من التخوف في أن تكون خارطة الطريق الأمريكية محاولة لجر القيادة الفلسطينية لتنازلات جديدة, حيث لم يقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون بالمبادرة الأمريكية إلا بعد أن وافقت واشنطن على احترام شروطه الأربعة عشر, ومن ضمنها أنه لن تطأ قدم لاجئ فلسطيني واحد "أرض إسرائيل".

هنالك أيضاً تصريحات تنسب إلى بعض المسؤولين الفلسطينيين ذوي السلطة والمكانة المهمة, وأيضا المعترف بهم من قبل واشنطن, إذ يردد هؤلاء من وقت لآخر أنه من الممكن أن تُحل قضية اللاجئين بطرق أكثر براغماتية وعملية, أي تجاوز قرارات الشرعية الدولية وتهميش حلم الملايين من أبناء هذا الشعب الذي ناضل منذ عقود لأجل الرجوع إلى أرضه.

إن حق العودة هو حق للاجئ الفلسطيني وليس للسياسي أو الأكاديمي صاحب الأفكار البراغماتية التي تصفق لها واشنطن. ليس من حق أحد أن يساوم على القرار الفلسطيني الذي استشهد لأجله الألوف وقتل من أجله خيرة شباب هذا الوطن ممن حاول اختراق الحدود للعبور إلى وطنه المغتصب.

في خطاب أما أعضاء حزب الليكود بتاريخ 9 يونيو, كرر شارون أسطوانته المعهودة قائلاً: "لن أسمح للاجئ فلسطيني واحد أن يدخل إسرائيل, أبداً." فلنرد على شارون وبصوت واحد وواضح: "سنناضل من أجل حق عودة كل لاجئ فلسطيني إلى أرض وطنه, مهما كلف الأمر."

 

*رمزي بارود, كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في واشنطن.

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com