صدأت قضبان السجون ولم يتعب سمير المسجون/نضال حمد
يبدأ سمير القنطار سنة جديدة خلف قضبان السجون، وعام آخر من اعوام العزة والكبرياء في معتقل نفحة مصنع الابطال ومعمل الثوار.. ويحلق هذا الطائر العربي القادم من جبل العرب في لبنان عاليا في سماء الحقيقة العربية الناصعة، ليكون قرب النجوم الحقيقة نجما عربيا لا نجوم مثيلة له في هذه السنوات الصعبة ، سنوات الذل والخنوع الرسمي العربي، حيث العراق محتل وفلسطين مستباحة وبقية الدول العربية تعمل ضد شعوبها ومع اعداء الأمة بشكل علني ومنها من ينطق بلسان الاعداء بوقاحة وبصراحة... لقد علا سمير القنطار ولازال يعلو لأنه الفتى الجليل، الفدائي الشجاع ، الرجل الذي لا يهاب الاعداء ، القومي والوطني والأممي ، المجاهد والمناضل والأخ والرفيق، علا فوق رايات الاستسلام والسلام والواقعية والعقلانية التي اجتاحت وتجتاح الزمن العربي الآيل الى السقوط…

هناك خلف قضبان السجون التي أكلها الصدأ يبدأ البطل العربي النموذج سنة جديدة من العطاء والشموخ والتحدي والمواجهة بصلابة وايمان ، حيث على صخرة صموده تتكسر غطرسة السجان ، وتصبح السنوات باعداد الاصابع والاطراف المبتورة والعيون المفقوءة والرؤوس المتطايرة والبيوت المهدمة والاشجار المقتلعة والأمم المنقرضة، وتصبح السنوات راية سمير وجواده الذي يمتطيه نحو الحرية التي لا بد منها، وتكبر احلامه كلما رأى الأمناء في امتنا يعملون لتحقيق الأماني وتلبية نداء التضامن مع اسرى الحرية.

سمير الكبير يظل كبيرا مثلما كان ومثلما عرفته الحياة الدنيا خارج وداخل السجون. كبير هو هذا الفتى العربي الشهم لأنه بشجاعته وثقافته وحسه العالي يجعلنا نصغر امامه ، ويجعل كل طلب يتقدم به رخيصا ، فهو الغالي وهو الفدائي الذي لا يهادن على القيم والعقيدة والمبادئ، وهو الرجل في زمن لا رجال فيه سوى الذين يمتطون جياد المقاومة، وسمير الذي نعرف جيدا نوعيته ومعدنه ، معدن الاصالة والانتماء والفكر والولاء ، يعي انه يقاوم بكل السبل من أجل بناء جيل عربي يقدر شهداء الأمة ويحفظ تاريخ هذه الثورة المستمرة، الثورة التي استحدثت وتطورت وكبرت واستمرت بأشكال وقيم وعقائد تخدم رايتها وشعاراتها وبرامجها في الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال، فجيل سمير كان جيل المقاومة الذي عبد درب هؤلاء المقاومين في هذه الأيام، وعبد درب الاستشهاديين الجدد، لأنه كان جيلا استشهاديا بكل معنى الكلمة، ولما لا يكون هكذا ما دام فيه من امثال هذا الفتى العربي الذي كان قد كتب تحت صورته " الشهيد سمير القنطار".

هذا البطل الذي قاد واحدة من اشجع وانجح العمليات الفلسطينية في نهاريا شمال فلسطين المحتلة، لم يكن يفكر بانه سوف يأسر بل كان حالما بالشهادة وعاشقا للموت في سبيل القضية والأمة وفلسطين العربية، فساعة اعتقاله كان سمير مصابا بطلقات عدة في صدره ورئته، واعتقل بعدما فرغت ذخيرته وتمزق جسده بالرصاص، وبعدما صرع من الاعداء الكثيرين ومنهم عالم مفاعل ديمونا النووي وجنود آخرين و اصاب قائد البحرية الصهيونية بجراح خطيرة وبصق دما ولعابا بوجه الجنرال المتصهين ابو مشلب.

اعتقل سمير مع رفيقه احمد الابرص واستشهد رفيقاه عبد المجيد اصلان ومهنا المؤيد. ثم خرج الابرص من السجن في عملية تبادل للاسرى لكن سمير بقي رهينة لدى الاحتلال، وكانت صدرت بحقه احكاما قياسية وصل مجموعها لحوالي 550 سنة بالإضافة لعدة مؤبدات. طبعا مثل هذه الاحكام الجهنمية والشيطانية لا تصدر سوى عند الشياطين والجهنميين من بني البشر المرضى، وهنا يحضرنا قول مناحيم بيغين تعقيبا على عملية نهاريا حيث قال : " سوف نقوم بعمل لم تقم به حتى الشياطين انتقاما لنهاريا"، هؤلاء هم رواد الحركة الصهيونية ورؤوسها من الارهابيين ، المأخوذين بحب الذات وعظمة النفس ، المكونين من غطرسة القوة و لغة الارهاب والترهيب والسكاكين المسمومة والتعذيب. فهذا الاحتلال الصهيوني الهمجي ليس سوى امتدادا ارهابيا للفكر الاجتثاتي الاستئصالي الصهيوني الذي سرق وسلب الشعب الفلسطيني ارضه ووطنه، ليقيم بمساعدة العالم كيان اسرائيل على ارض فلسطين.

عرف سمير القنطار منذ البداية ان حياته الجديدة سوف تكون غير تلك التي سبقت يوم 22 ابريل 1979 أي يوم تنفيذ عملية القائد القومي الزعيم جمال عبد الناصر على ايدي مجموعة الشهيد القائد القومي كمال جنبلاط في نهاريا، حيث كانت العملية المميزة الأولى بعد عملية الشهيدة دلال المغربي ورفاقها، وكان ابطال مجموعته الاستشهادية اعضاء في تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية الذي انتموا اليه بفخر وعن قناعة، كانوا ولازالوا يعتزون بالمسئولية عن العملية ويتذكرون لحظات مؤثرة من حياة أمين عام تنظيمهم الشهيد القائد الراحل طلعت يعقوب وهو يعلن بمؤتمر صحفي عقد في الفاكهاني بكل كبرياء واعتزاز مسئولية الجبهة عن العملية المميزة.

بدأ سمير القنطار مسيرة السجن والمعتقل بقوة المؤمن بالمصير وبعدالة القضية وبحتمية الحرية، واصبح السجن كما السجان جزء من مسيرة النضال القومي في سبيل رفع شأن الأمة وانتصار ارادتها في التطور والحرية والسلام والاستقلال. وظلت اسرائيل ولازالت ترفض اطلاق سراحه في التبادلات التي حصلت، لكنها عرضت عليه التوبة والاعتذار مقابل اطلاق سراحه، فكان جوابه الرفض القاطع لهذا الأمر ... وقال لهم نسر جبل العرب في لبنان : انكم انتم المطالبون بالاعتذار مني ومن شعبي اللبناني و الفلسطيني وأمتي العربية التي عانت الأمرين جراء سياسة وارهاب الحركة الصهيونية. هذه هي نوعية الاسير النموذج والمناضل القدوة، حيث بقي سمير القنطار منارة للاسرى ورمزا وطنيا وقوميا محبوبا ومحترما بين رفاقه في الحركة الأسيرة وسوف يبقى هكذا في السجن وخارجه. كما ان إيماننا يتعزز يوما على يوم بان حريته اصبحت قاب قوسين ، وبأنه سيعود للجبل العربي في لبنان لكي يساهم مساهمة عملية وقوية في تمتين عرى العلاقات اللبنانية الفلسطينية المشتركة المعمدة بالدماء والتضحيات والمصير المشترك.
 

 

 
 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com