حسام خضر…نائباً ومناضلاً

 لم يكن يوم السابع من آذار عام ستة وتسعين وتسعمئة وألف،يوماً تاريخياً مميزاً في تاريخ الشعب الفلسطيني فقط،عندما جرى تنصيب أول مجلس تشريعي فلسطيني منتخب،وإنما كان أيضاً يوماً مميزاً في حياة المناضل النائب حسام خضر،الذي خاض الانتخابات رغم كل العوائق والعراقيل التي وضعت أمامه،لقد راهن حسام على الجماهير الفلسطينية ووعيها الوطني وقدرتها على اختيار الأفضل،ولم يكن رهانه على الجماهير خاسراً،وإنما حمله هذا الرهان إلى مقاعد المجلس التشريعي.

          لم تكن النيابة مشروعاً شخصياً لحسام خضر،ولم تكن أيضاً مشروعاً تجارياً أو سياسياً يصيب فيه عرضاً من أعراض الحياة،وإنما كانت بالنسبة إليه مشروعاً وطنياً فلسطينياً يستكمل من خلاله حلقات النضال التي بدأها منذ نعومة أظفاره ضد الاحتلال،وعانى من خلالها شتّى أنواع القهر والسجن والتعذيب والإبعاد عن الوطن.

          كان المجلس التشريعي بالنسبة لحسام خندقاً ومنبراً،ينتقل إليه لمواصلة المسيرة الوطنية نحو تحقيق الأهداف الفلسطينية في الخلاص من الاحتلال وإقامة الدولة وحق العودة للاجئين،وصياغة منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة للإنسان الفلسطيني تعوّضه عن كل سني القهر السياسي والاجتماعي.

          كان حسام خضر يرى بإحساسه المرهف وبالعين المجردة هول الواقع الفلسطيني،وجسامة التحديات وعظم المسؤوليات الملقاة على عاتق السلطة الوطنية بعامة والمجلس التشريعي بخاصة،في استكمال مشروع التحرير وإرساء دعائم مجتمع عصري ديمقراطي يقوم على مبدأ المحاسبة والمساءلة والشفافية،وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان،كان حسام باختصار يتطلع إلى دولة مؤسسات وليس الى دويلة مزارع ودكاكين ومراكز قوى.

حاول حسام خضر أن يمارس دوره التشريعي والنقابي في المجلس التشريعي على أكمل وجه،مارس دوره كنائب بشفافية وجرأة بلغت أحياناً حد التهور،غير أن هذا التهور كان نابعاً من منطلق الحرص على مصالح الجماهير التي أولته ثقتها،كان يقول رأيه بصراحة وشجاعة غير عابئ بما قد ينجم عن هذه المواقف من تداعيات وتأثيرات سلبية عليه.وهو كان بحق من طليعة النواب أصحاب المواقف الصلبة والصادقة والأمينة التي لا تقبل مساومة أو قسمة  !!

وكان يبهر الآخرين بصراحته وشجاعته وأفكاره الأخّاذة،وتهكمه الساخر،ولم تكن لديه حدود لقول رأيه وموقفه بشجاعة،كان يرفض المساومة في القضايا الأساسية التي تتعلق بحقوق أبناء شعبه و معاناته، وكان دائماً يقول :"إن شعباً مناضلاً مثل الشعب الفلسطيني الذي يدفع يومياً ثمناً من دماء أبنائه،لا يحتمل موقفاً منافقاً أو متواطئاً.

لقد ترك حسام بصماته على عمل المجلس التشريعي،ويمكن تلخيص ما قام به في هذا السياق على النحو التالي:

أولاً: الدفاع عن مؤسسة المجلس التشريعي:

شارك حسام خضر مع عدد قليل من زملائه،في الدفاع عن دور المجلس التشريعي وصيانة استقلاليته كمؤسسة برلمانية منتخبة مباشرة من الشعب الفلسطيني، وتصدّى بجدارة واقتدار لكل المحاولات التي قامت بها السلطة التنفيذية لمصادرة دور المجلس التشريعي وتطويعه لإرادتها ،وتفريغه من مضمونه كمؤسسة تشريعية مستقلة،وطالما خاض نقاشات ومداخلات وسجالات ساخنة للحيلولة دون تحويل هذه المؤسسة إلى ديكور ديمقراطي،ومواجهة كل المحاولات الرامية لإجهاض عمل هذه المؤسسة.

وكان دفاع النائب حسام خضر عن هذه المؤسسة نابعاً من فهم عميق لأهمية استقلال هذه المؤسسة وفصلها عن السلطة التنفيذية،وحجم الاستهداف الذي تتعرض له مؤسسة المجلس التشريعي للانحراف بها عن دورها في سن القوانين والتشريعات وممارسة حقها في مراقبة أداء السلطة التنفيذية ومحاسبتها عن كل الخروقات والتجاوزات.

وكان حسام في دفاعه المستميت عن دور المجلس التشريعي وصلاحياته،لا يأبه بأية خصومة نتيجة هذا الموقف،كما أنه لم يكن يأبه بأية حسابات ضيقة،أو أية محاولة للمساومة على هذا الموقف الصلب.

وللأمانة فأنه يجب القول بأن النائب حسام خضر،ترك بصمات واضحة جليّة في كل المعارك التي خاضها المجلس التشريعي من أجل الدفاع عن نفسه كمؤسسة تشريعية مستقلة.

ثانياً: دوره في سن القوانين والتشريعات:

لعب النائب حسام خضر دوراً هاماً ومتميزاً في سن القوانين والتشريعات التي أقرّها المجلس،وكان ناشطاً جداً في مناقشة القوانين ودراستها دراسة مستنيرة عندما كانت تعرض على المجلس ويتم مناقشتها بالقراءات الثلاث.

وكان حسام ينظر إلى أهمية هذه القوانين،ليس من منطلقات مهنية أو فنية فقط،وإنما أيضاً من منطلقات سياسية،تعترف بالوضع الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في إقامة  مؤسسات عامة وتفعيلها في زمن قياسي قصير وفي إطار ولاية جغرافية محدودة ومشرذمة،وعدم وجود سيادة حقيقية على الأرض والسكان والمصادر الطبيعية،كل هذا الواقع لا يمكن التعامل معه إلا من خلال بناء مؤسسات قائمة على القانون والحكم الصالح الذي ينتهج المساءلة والمراجعة وإدارة المال العام بشفافية،وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال مواد قانونية دقيقة واضحة،ولا تحمتل المراوغة والتأويل،تحاشياً للفوضى والفساد واستباحة المال العام.

ثالثاً: الرقابة على أعمال الحكومة

          أدرك حسام أهمية الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة،باعتبارها عنصراً هاماً من عناصر الإصلاح والشفافية ومواجهة التحدي الذي يقف أمام تطور مؤسسات السلطة بصورة فعّالة.

وهو من أجل تحقيق هذه الغاية انخرط في لجنة الرقابة،وكان من أنشط أعضاء هذه اللجنة،واستخدم جميع الوسائل والأدوات التي تخوله القيام بهذه المهمة التي قام بها بكفاءة عالية ونزاهة واقتدار،فمن توجيه الأسئلة  الشفهية والكتابية إلى الوزراء ، الى استجواب المسئولين و المشاركة في لجان التحقيق،حيث شارك في أهم لجان التحقيق التي شكّلها المجلس لمتابعة عدد من القضايا المتعلقة بالفساد،والتقصير،وسوء استخدام السلطة،وانتهاك حقوق الإنسان،وعدم احترام قرارات المحاكم،وممارسة بعض أشكال التعذيب بحق بعض المعتقلين في السجون الفلسطينية الى غير ذلك من المعارك التي خاضها  بجرأة وشجاعة ومكاشفة ومصارحة سواء أمام المجلس التشريعي، أو أمام الجماهير مباشرة أو أمام وسائل الإعلام،وكان حسام واحداً من النواب القلائل الذي كان يكشف بصراحة كبيرة عن كل التجاوزات التي ترتكب من جانب السلطة الوطنية.

رابعاً: قضية اللاجئين

          كرّس حسام خضر جل وقته وعمله لقضية اللاجئين،على اعتبار أنها تشكل جوهر الصراع وقد انضم في وقت مبكر إلى عضوية لجنة اللاجئين في المجلس التشريعي،لقناعته بأهمية هذه اللجنة والدور الذي ستلعبه من أجل الحفاظ على حقوق اللاجئين،وعدم التفريط بها،وكان حسام عضواّ فعّالاً في هذه اللجنة،وكان يحرص على حضور كافة اجتماعاتها ويساهم في التقارير التي كانت ترفعها إلى المجلس التشريعي.وكانت قضية اللاجئين بالنسبة له قضية مقدّسة لا يجوز التساهل بشأنها بالقدر الذي لا يجوز فيه المساومة على حقوق اللاجئين في العودة وتقرير المصير،كان يتابع كل التقارير التي تنشر عن  اللاجئين،وكل التصريحات التي تصدر عن المسؤولين تجاه قضية اللاجئين،وكان كلما استمع إلى تقرير أو تصريح لا ينسجم مع مبادئ حق العودة،كان يدعو لاجتماع للجنة لبحث هذا الموضوع،وتقديم تقرير بشأنه إلى المجلس التشريعي.

كان يقوم بزيارات دورية للمخيمات في الداخل والخارج،لا سيما وأنه ابن المخيم الذي ولد وترعرع فيه لاجئاً بعيداً عن بلده ،وكان دائم الاتصال مع كل المؤسسات الفلسطينية والدولية المتابعة لقضية اللاجئين.

وللأمانة فإنه يجب القول بأن عضوية النائب حسام خضر في لجنة اللاجئين في المجلس التشريعي قد أثرت هذه اللجنة،وجعلتها أكثر قوة وثباتاً وتمسكاً بحق اللاجئين في العودة،ورفض كافة أشكال محاولات الالتفاف على حقوق اللاجئين الثابتة،وهو لم يكتف بذلك وإنما قام بتشكيل جسم شعبي آخر في الداخل والخارج من أجل التواصل بين اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والشتات،وتشكيل أجسام قادرة على الدفاع عن قضية اللاجئين و بخاصة في وقت كثرت فيه المحاولات الرامية إلى شطب هذه القضية والالتفاف عليها. وبهذا كان حسام من طلائع النواب المدافعين بقوة وصلابة عن قضية اللاجئين داخل المجلس التشريعي وخارجه.

وبعد...

فهذه عجالة رصدت فترة قصيرة من دور النائب حسام خضر في المجلس التشريعي،هذا الزميل الذي ترك بصمات مشرقة ومتميزة على عمل  المجلس التشريعي وأدائه ودوره،ونحن إذا فهمنا نائباً مثل حسام خضر،فإننا نفهم شخصية مناضلة فذّة ومتميزة ، نفهم مناضلاً صلباً وشرساً لا يهزم،ولا يساوم،وإنما يقاتل ويدافع،ينتقل من خندق الى خندق،ومن معركة إلى أخرى متمترساً بطبقة كثيفة من الشجاعة والنظافة والإيمان…كان حسام خضر باختصار نائباً ومناضلاً شاملاً،ترك اعتقاله فراغاً كبيراً داخل المجلس التشريعي وبين الجماهير الفلسطينية.

          ولا أبالغ إذا قلت بأن المجلس التشريعي فقد جزءاً من حيويته وتألقه ونضاله بغياب حسام خضر الذي ندعو الله بأن يكون غياباً قصيراً يعود بعده زميلنا حسام ليمارس دوره فيه نائباً ومناضلاً من أجل قضيته وأبناء شعبه .

النائب حاتم عبد القادر عيد

عضو المجلس التشريعي الفلسطيني

 

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com