النائبان الأسيران ....رفاق درب

 

·     أحمد عبد العزيز

           

حسام ومروان رفاق درب ومنفى وسجن وكفاح، فالقليلون عرفوا كم كان حجم الشغف والهاجس الذي تملك القائد الشهيد خليل الوزير –أبو جهاد – للقاء الأخوين المبعدين حسام خضر ومروان البرغوثي في بداية  ربيع  عام 1988 ، فلحظة وصولهما مطار تونس الدولي أصر الشهيد على الجلوس معهما بشكل خاص – في بيته بسيدي بوسعيد - ليسمع من كلاهما مطولا عن التجربتين الرائدتين اللتين ميزتا العمل التنظيمي – الاجتماعي والثوري في الأرض المحتلة ، فالقائد الشهيد كان يدرك تماما بأن مروان كان ممثلا حقيقيا للتجربة الفريدة التي تشكلت في جامعة بيرزيت ولمستوياتها   وإمتداداتها النضالية والأكاديمية والاجتماعية ، وبأن حسام شكل خلاصة لتجربة الشبيبة في مخيم بلاطة وجامعة النجاح كنموذج متقدم في المبادرة والنقاء والتربية الثورية،  وطوال اللقاء ظلت الأسئلة التي شغلت بال أبو جهاد تدور حول كيفية إمكانية تعميم التجربتين ونشرهما في مختلف القرى والمدن والمخيمات والجامعات والمعاهد والمدارس الفلسطينية ، ولهذا كان التكليف الأول لهما هو إعداد دراسة علمية واقعية حول التجربتين من أجل تعميمهما كنماذج مثالية ، ولا غرابة أن يكتشف أمير الشهداء مبكراً العلاقة التي جمعت التجربتين في بلاطه و بيرزيت والطلبة باللاجئين وعلاقة حسام بمروان ، وهي بالتأكيد علاقة قائمة على العقلانية والفعل والمبادرة .

 

 جمهورية المخيم

يضحك الجميع عندما يعلمون بأن حسام خضر قد أطلق على مخيم بلاطه اسم " الجمهورية " مذ كان طالبا في المرحلة الإعدادية ، حيث بدأ في تلك المرحلة يحلم بنشيد وطني وعلم وشعار خاص بجمهوريته ، وما هي إلا سنوات قليلة حتى بدأت أحلام الطفل تتحول إلى حقيقة وواقع ملموس بفعل قوة الإرادة ، وكان خضر يعتقد أن جمهوريته يجب أن تقام على ركائز ثلاث وهي : الإنسان والنقاء والفعل ، كعناصر أساسية ومتلاحقة تبنى بشكل تراكمي، من هنا جاء تشكيل لجنة شباب المخيم كإطار يسعى إلى إيجاد الإنسان القادر على أن يكون النموذج للمناضل ، وتلا ذلك انطلاق الشبيبة التي سعت نحو خلق جو اجتماعي متضامن نقي من كل الشوائب والسلبيات ومحاربة كل مظاهر الخلل والفساد الأخلاقي ، والضرب بيد من حديد على مروجي المخدرات والعملاء، وأخيرا بدأت المرحلة الأخيرة والتي ستشكل الرافعة الحقيقية للفعل المقاوم ضد الاحتلال من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير .

       

الدولة- بيرزيت

ربما يحتاج التاريخ السياسي الفلسطيني إلى دراسة جديدة وجدية لإدراك أن فكرة الدولة والواقعية السياسية في الأرض المحتلة هي وليدة التجربة الطلابية في جامعة بيرزيت ، فمن الأسئلة الأساسية التي شغلت البرغوثي منذ بداياته هو كيف يمكن أن يتم بلورة حالة الفعل والبطولة والنضال بإنجازات سياسية ملموسة ، ولهذا سعى أن يكون الإطار الطلابي أكثر انفتاحا على الآخر – العالم ، والاستفادة من العقلانية السياسية بطريقة لا تتناقض مع الثوابت الوطنية.

 

ومهما يكن فان كلا التجربتين لا يمكن فهمهما بعيدا عن كونهما الإطار النموذجي الذي تمثل في الانتفاضة عام 1987، بل أن هناك من يعتقد من أن انتفاضة 87 ما هي إلا إعادة إنتاج لانتفاضة المخيمات والجامعات وعلى رأسها بلاطة والنجاح و بيرزيت والتي تطورت منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، دون تغييب لروافد أساسية دعمت وطورت التجربتين ويمكن القول أن أهم رافد لهما هي الحركة الأسيرة التي لعبت دورا مميزا وفريدا منذ العام 1985.

 

في هذا الإطار يمكن فهم التجربة الشخصية – النضالية لكلا القائدين مروان وحسام، اللذين هما أيضا مواليد من رحم الحركة، وهما يمثلان الصف الأول بامتياز داخل الأرض المحتلة فقد نشأ الاثنان داخل اسر تنتمي إلى أصول ريفية على علاقة وثيقة بالأرض كمصدر للرزق وكحلم بالعودة لها، وعاشا طموحات الارتقاء المغمور برغبات أكاديمية كتعويض للإجتثاث، وخاضا كلاهما تجربة الشبيبة منذ بداياتها الأولى وكان لهما لمسات خاصة في المسودات الأولى للنظام الداخلي للجان الشبيبة للعمل الاجتماعي ، وبتنسيق محكم وبعفوية أحيانا ظلا منسجمين في حلمهما المشترك وفي رؤيتهما لطبيعة الصراع وآفاق الحل وطرق النضال ، وفي نفس الوقت فان كلاهما كان واعيا ومنفتحا على الأفكار والمواقف والرؤى الأخرى .

وتلا هاتين التجربتين مراحل متلاصقة ومتناغمة لكلا القائدين حسام ومروان ، فقد عانا من السجن لدرجة يصعب معرفة الرقم الحقيقي لعدد مرات اعتقالهما أو تاريخ الفترات التي لم تكن هناك فواصل زمنية كافية بينها ، وشهدا معا ولادة الانتفاضة الأولى عام 87 من موقعين مختلفين كحركة جماهيرية وفعل مجتمعي شامل مس كافة المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية ، وكانا حاضرين في صياغة البيان الأول للانتفاضة والذي ذيل بـ" بيان صادر عن القوى الوطنية ".

وهما من أوائل ضحايا سياسة الإبعاد والقبضة الحديدية ،  حيث شكل إبعادهما محددا أساسيا في استمرار الكفاح ، فتحولا كسفراء في العالم حاملين رسالة الانتفاضة وأهدافها النبيلة المتمثلة بالحرية والاستقلال والعودة  ، وكرس كلاهما وقته لمتابعة العمل داخل الأرض المحتلة من خلال أطر منظمة التحرير كالاتحاد العام لطلبة فلسطين ومكتب الانتفاضة.

وهما أول العائدين إلى الوطن بعد توقيع اتفاقية اوسلوا عام 1993 ، حيث بدءا العمل بشكل فاعل من أجل بناء مجتمع حر وديمقراطي مبني على العدالة والمساواة والحرية والعقلانية والقانون والمؤسسات ، مع تمايزات في الاهتمامات التي ستخدم الهدف العام لكلاهما ، فقد أدرك خضر أن قضية اللاجئين ستبقى جوهر الصراع وهي بالتالي بحاجة إلى إطار جماهيري قادر على تفعيل القوى الداخلية في أوساط اللاجئين ، ومن ناحية أخرى أدرك البرغوثي أن حركة فتح هي حامية المشروع الوطني والقادرة على الحفاظ على الثوابت وتحقيق الوحدة الوطنية والاستقلال فكانت لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وكانت اللجنة الحركية العليا لحركة فتح .

وبنفس الجرأة خاضا غمار العمل الجماهيري والكفاحي في انتفاضة الأقصى ، وأعلنا بكل حزم أن معركة الاستقلال والعودة والقدس والحدود والدولة وإزالة الاحتلال تتطلب الذهاب بالنضال والمقاومة إلى الحدود القصوى حتى لو دفعا ثمنا باهظا من شهادة أو سجن .

 

وأخيرا  لا يمكن النظر للأسيرين القائدين إلا كرجلي مقاومة بحق من أجل الحرية إضافة لكونهما يمتازان بالواقعية السياسية في رؤيتهما للمرحلة التاريخية ، من هنا كانت  دعواتهما لإقامة دولة في حدود الرابع من حزيران 1967 ، وبالتالي الإفراج عن مروان وحسام وكافة المناضلين المعتقلين في السجون الإسرائيلية هو شرط أساس للمضي قدما في أي تسوية قادمة.

 

*باحث في أدب المقاومة الفلسطينية

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com