أســـرانا

حافظ البرغوثي

الضجة الشعبية حول قضية الاسرى مشروعة .. لأننا لدغنا في أوسلو .. وأخطأنا في التعاطي مع هذه القضية .. والخطأ كان شاملاً .. فالمفاوض أخطأ وفصائل المعارضة أخطأت .. المفاوض أخطأ لأنه تصرف بسذاجة مع ثعلبية المفاوض الاسرائيلي .. واعتبر ان تبادل الاعتراف وتوقيع الاتفاق يعني ضمناً انهاء حالة الحرب وعودة المحاربين الى منازلهم لكنه لم يؤكد ذلك في الاتفاقات .. والفصائل المعارضة أخطأت عندما عرقلت تنفيذ بنود الاتفاقات .. فعشية أي تنفيذ لمرحلة او اطلاق سراح دفعة من الأسرى كانت تنفذ عملية عسكرية فتتجمد خطوات التنفيذ، وبقي وراء القضبان كثير من الأسرى ممن تصفهم اسرائيل بأن أيديهم ملطخة بالدم .. وكأن أيدي جنرالاتها ووزارائها ملطخة بالمسك والعنبر.
الآن وفي ظل حكومة ابو مازن المكروهة من بعضنا لأسباب كثيرة يجري تحميلها أوزار الأخطاء السابقة من جهتنا ويجري تمترس حكومة شارون وراء هذه القضية لافشال خارطة الطريق .. فحكومة شارون التي تجتهد لافشال خارطة الطريق راهنت على الانقسام في الصف الفلسطيني وفشل التوصل الى اتفاق حول الهدنة .. ولما أعلنت الهدنة وجدت ان قضية الاسرى هي الملاذ لتدمير الخارطة وحكومة الخارطة، ولهذا فان المسألة لا يجب ان تكون خلافية فلسطينيا بل خلافية مع الجانب الآخر.
الاسرائيليون يعودون لطرح مسألة الأيدي الملطخة بالدماء وهذا يعني عمليا عدم الاعتراف بشرعية نضالنا ضد الاحتلال .. بل واضفاء شرعية على قمع الاحتلال وممارساته الاجرامية التي انتقدها العالم سابقا وحالياً ولاحقاً .. واذا تمترسوا هم وراء هذه النقطة فيجب علينا التمترس وراءها، فدون وجود جدول زمني لاطلاق سراح الأسرى وفقاً لمسيرة الخارطة لا يمكن المضي قدماً في هذه المسيرة. وأقول جدول زمني لأننا عمليا لم نوقع اتفاقات بعد مع الاسرائيليين .. وكل ما هنالك هو اجراءات انفرادية .. هدنة فلسطينية مدتها ثلاثة او ستة اشهر .. ووقف اسرائيلي لعمليات الاغتيال وأظن ان إبقاء قضية الاسرى ساخنة من جانبنا وفق موقف وطني متفق عليه أفضل من اتخاذها مدخلاً للنيل من الحكومة .. لأن الحكومة الضعيفة لن تستطيع انتزاع أي تنازل اسرائيلي .. فالمشكلة مع الاحتلال وليست بيننا.