ثلاثة أعوام من عمر انتفاضة الاقصى000 ماذا بعد  ؟؟

 

بقلم : تيسير نصر الله 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

   

     هل كان شارون يعرف أن زيارته الاستفزازية للمسجد  الأقصى بتاريخ28\9\2000 ستفجر موجة عارمة من الغضب الفلسطيني ، وستطيح بحكومة باراك ، وتأتي به رئيسا لوزراء إسرائيل  ؟  وهل كان يدرك أن حجم الأحداث والتطورات التي أعقبت الزيارة ستكون كبيرة ومؤثرة بهذا الحجم ، وسريعة لدرجة أنها ستعكس ظلالها على مجمل العلاقات والتحالفات الدولية والإقليمية  ؟

  

 إن هذه الزيارة وأيا كانت أهدافها ودوافعها  ومنطلقاتها قد أسست لمرحلة جديدة من مراحل النضال الوطني الفلسطيني ، بعد هدوء نسبي في الصراع استمر سبع سنوات ، عقب توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 ، تلك الاتفاقية التي لم تفضي الى سلام حقيقي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي كما توقع الموقعون عليها ، وكانت المفاوضات خلال هذه الفترة تراوح مكانها ، لقاءات وجلسات متواصلة  ولكن لا يوجد أي نتائج تذكر على الأرض ، بل على العكس من ذلك استمر الإسرائيليون  في سياسة بناء المستوطنات وتشديد الخناق على الشعب الفلسطيني والتنكر للاتفاقيات التي وقعوها  والتلكؤ في تنفيذ التزاماتهم تجاهها  ، وخرقها في حال تنفيذ جزء منها .

فكانت انتفاضة الشعب الفلسطيني هي السلاح الذي سيدافع به الشعب عن نفسه وعن حقوقه المهدورة وعن مماطلة وتراجع الإسرائيليين في تنفيذ ما كان يتم الاتفاق عليه  ،  فعمت المظاهرات السلمية ربوع الضفة الغربية وقطاع غزة ، وخرج فلسطينيو الداخل الى الشوارع احتجاجا وغضبا على انتهاك شارون  حرمة المسجد الأقصى وتدنيسه لأرضه ، وتعامل الإسرائيليون مع هذه الاحتجاجات بعقلية الاحتلال، بعد أن ظن البعض بان أوسلو قد فعلت فعلها  وأحدثت تغييرا في عقليتهم جنوحا نحو المنطق في معالجة الأمور . فكانت ردة الفعل الإسرائيلية  عنيفة في مواجهة الأحداث ، فاستخدموا الرصاص الحي والمميت  فسقط الشهداء والجرحى ، وأوغلوا في وحشيتهم ضد الأبرياء والأطفال ، وكانت عدسات الكاميرات تطاردهم في كل مكان ، وترصد بطشهم وتنكرهم لكل المعايير الأخلاقية .

     

وعند استعراض هذه الأعوام الثلاثة من عمر الانتفاضة ، فلا بد لنا من التركيز على بعض المحطات الهامة ، بهدف إخضاعها للمزيد من عمليات التحليل والنقاش، خاصة لما تحمله من تضارب في الآراء واختلاف في وجهات النظر، ومن هذه المحطات:-

   

أولا : الزيارة المشؤومة ذاتها للمسجد الأقصى :

حسب اعتقادي فان الزيارة لم تكن صدفة  وانما كانت مخططة ومتفق عليها مع أركان حكومة باراك ، وما يعزز هذا الاعتقاد هو حجم القوة العسكرية الإسرائيلية التي رافقت شارون لحمايته وتسهيل مهمته ، وحالة الاستعراض التي واكبت الزيارة وحجم التغطية الإعلامية التي حظيت بها ، وكأنهم بذلك كانوا ينهوا مرحلة ويؤسسوا لمرحلة جديدة من الاحتلال .

 

ثانيا : أحداث الحادي عشر من أيلول :

إن تفجيرات نيويورك وواشنطن قد عكست نفسها على مجمل أوضاع العالم ، وتم استخدام هذه التفجيرات ابشع استخدام من قبل الحكومة الاسرائيلية، التي رأت فيها هدية لها لممارسة اشد أنواع البطش والقتل ضد الشعب الفلسطيني  وانتفاضته، وتصريح بالقتل دونما حسيب أو رقيب ، بل وبمباركة أمريكية هذه المرة تحت مبررات محاربة الإرهاب العالمي ، واستفراد أمريكا بقيادة الحرب ضد معاقل ما يسمى بالارهاب ، والاستفادة من تجارب إسرائيل في هذا الشأن . إضافة إلى  محاولة اعتبار المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي  على أنها شكل من أشكال الإرهاب ، وليست مقاومة مشروعة .

 

  ثالثا:  الاستخدام المفرط للقوة الحربية الإسرائيلية  :

اعتبرت إسرائيل نفسها وأقنعت مواطنيها أنها تخوض حربا حقيقية ضد الشعب الفلسطيني،  وبالتالي يحق لها استخدام ترسانتها العسكرية البرية والبحرية والجوية  واستدعاء الاحتياط من جيشها ، وتوزيعه في كل بقعة من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ليبطش ويدمر ويعتقل ويقتل بقرار إسرائيلي رسمي ، وبغطاء عالمي ، وصمت عربي رسمي وشعبي ، ليقف الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهة القوة العسكرية الاسرائيلية العتيدة والهائلة ، متحملا اشد الضربات وأقساها  دون أن تهتز له قناعة  بشرعية نضاله وقدسيته .

 

رابعا : الأفعال وردود الأفعال العنيفة :

أثارت ردود الأفعال الفلسطينية الانتقامية  على الهجمات الاسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين ، غضب العديد من دول العالم ، من إدانة وشجب ، وتحميل الفلسطينيين المسؤولية المباشرة عن دائرة العنف ، وعدم توجيه الانتقاد ضد إسرائيل ، رغم أن الفلسطينيين يمارسوا حقهم المشروع بالدفاع عن النفس  في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية ، ومما زاد  في حملة التحريض والاستنكار هو عدم توحد الخطاب الرسمي الفلسطيني  حيال أساليب المقاومة مع الموقف الشعبي ، وخاصة الموقف من العمليات الاستشهادية ، وانعكاس ذلك على الوضع الميداني

 

   خامسا : غياب قيادة وبرنامج للانتفاضة :

          تميزت انتفاضة الأقصى بغياب قيادة موحدة لها ، أو حتى برنامج سياسي ونضالي متفق عليه ، وغلب عليها ردات الفعل  والمزاجية ، وتضارب المواقف والتصريحات بين القوى السياسية من جهة ، وموقف السلطة الوطنية من جهة أخرى ، حول الوسائل والأساليب النضالية ، والتكتيك والاستراتيجية . وافتقدت الانتفاضة إلى الخطاب السياسي  الموحد ، مما افقدها الكثير من عوامل القوة ، والتأخر في إنجاز أهدافها بالسرعة الممكنة ، وبأقل الخسائر الممكنة .

    وبعد مرور ثلاثة أعوام من عمر الانتفاضة ، ورغم التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني ، من شهدائه القادة والرموز والكوادر السياسية والعسكرية والمناضلين والمواطنين الأبرياء ، وما قدمه أيضا من آلاف  المعتقلين وعشرات آلاف الجرحى ، ومئات المنازل والعمارات السكنية ومراكز الأجهزة الأمنية ومكاتب السلطة التي تم تدميرها ، وآلاف الدونمات التي صودرت لاقامة الجدار العنصري والمستوطنات عليها ، واتلاف المحاصيل الزراعية واقتلاع أشجار الزيتون والأشجار المثمرة والحرجية ، وتدمير البنية التحتية للمؤسسات والبلديات والسلطة الوطنية .

 

 وبعد هذا كله ، يبقى السؤال : هل حققت إسرائيل أهدافها بإعلان الاستسلام ورفع الراية البيضاء وتركيع الشعب الفلسطيني وتخليه عن ثوابته الوطنية ؟ ولعل المتابع لمجريات الأمور يجيب بثقة كبيرة بأن إسرائيل لم تستطع تحقيق ذلك بالقوة العسكرية ، وان خيار الحل العسكري هو الذي فشل ، بينما لم يفشل الخيار السياسي الذي تنادي به الانتفاضة والمتمثل برحيل الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم وفقا للقرار الأممي 194 . وحتى ذلك الحين يبقى الصراع مفتوحا على مصراعيه ، لعل أحدا يستطيع فتح ثغرة في الطريق السياسي المسدود .

 

 

 

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com