عام على اعتقال النائب حسام خضر

مخططات إسكات الصوت الجريء تفشل رغم قهر الزنزانة والجلاد

عزل تام وأساليب تحقيق قاسية على مدار اثني عشر شهرا من الاعتقال

أمين أبو وردة .. بشار دراغمة

 عام كامل يمر على اعتقال صاحب الصوت الجريء الذي أضحى عنوانا لكل المضطهدين والمحرومين، انه النائب الأسير حسام خضر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

صوت غيب خلف قضبان الأسر لكنه بقي في وجدان الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني و الأمة العربية حيث استمرت مواقفه الجريئة تتسرب من خلف أسوار السجن لتعطي دفئا لمسانديه ، وتفشل مخططات المندسين الذين خططوا في ليلة معتمة لإقصاء هذا الصوت.

افتقده الإعلاميون والصحافيون ورجال السياسة في الداخل والخارج ، كما افتقده الفقراء والكادحون الذين كان عنوانا لهم كلما أصابهم الكرب ، فيما أضحى ملاذا للمئات من الأسرى في السجون الاسرائيلية الذين شعروا بوطأة الظلم الذي يتعرضون له.

أزقة مخيم بلاطة هي الاخرى تفتقده ، حيث عاش وترعرع فيها ، فيما صوره تزين شوارع المخيم ، كما تملأ مشاعر الحزن اروقة جامعة النجاح الوطنية بنابلس حيث أنهى دراسته الجامعية ، إلى جانب عموم اللاجئين الذين زرع في افئدتهم صلابة التشبث بحق العودة إلى ارض الأجداد رغم تكالب الأعداء والمؤامرات.

مواقف المساندة والمؤازرة معه لم تقف عند حدود الوطن ، بل امتدت إلى كل البقاع وتجاوزت المحيطات واللغات لتسجل مواقف مشرفة تضفي قوة للمواقف الجريئة .

جهود تطوعية التفت حول قضيته تظهر مدى التحام النائب الجريء مع مؤيديه ، حيث لم تستطع الزنزانة قطع التواصل بينه وبينهم بل زادت من الترابط والمساندة وقوة الحضور.

الاختطاف

أحمد حسام خضر - يجمع شواهد الدمار الذي خلفه الاحتلال ليلة اعتقال والده

ليلة السابع عشر من شهر آذار عام ثلاثة بعد الألفين للميلاد كان الشارع الفلسطيني مع عملية إسرائيلية خاطفة استهدفت منزل النائب حسام خضر حيث دوت أصوات الانفجارات والاقتحام .قوات كبيرة حاصرت المنزل وسط  صيحات الجنود وصراخهم الذي تزامن مع إطلاق نار كثيف داخل أروقة المنزل والمنازل المجاورة لينتهي الأمر بالاعتقال.آثار الاقتحام بدت في كل الأرجاء ، رصاصات فارغة كانت في كل مكان فيما سارع الابن احمد على جمعها لتكون دليلا على الهجوم المباغت وسط ليلة مظلمة.

رغم أن المنزل تعرض في سنوات سابقة للمداهمة إلا أنها المرة الأولى التي كانت بتلك القسوة واستخدام المتفجرات لتفجير مدخل المنزل وإطلاق النار الكثيف والزج بالعشرات من الجنود في العملية التي بدأت في ساعة مبكرة ليلا وانتهت مع اشراقة اشعة الشمس.

ومع انسحاب القوات الاسرائيلية من المنزل تقاطر اهالي المخيم والاحياء القريبة الى المنزل لاستيضاح الامر فيما كان الحزن باديا على السكان كونهم فقدوا صوتا جريئا يحمل همومهم.

أقبية التحقيق

 من الارشيف: صورة للنائب خضر بين رفاقه في سجن نابلس المركزي عام 1986

تسعون يوما ، ليست مجرد أرقام ، فقد عاشها حسام خضر في اقبية التحقيق الفاشية ، تسعون يوما لم تكن كافية في عرف الاحتلال لينهي زراعة حقده في جسد الحر الأبي ، وفي الوقت نفسه لم تكن في ميزان حسام شيئا لتثنيه عن مواقفه وقوته وصلابته أمام محققي الاحتلال .

وبمقدار ازدياد رجال التحقيق قسوة وعذابا كان حسام يزداد صلابة وصبرا وقوة في مواجهة قهر السجن والسجان .

سجن " بتاح تكفا " كان البداية لرحلة  التحقيق الصعبة  التي عاشها خضر بكل تداعياتها الصعبة، حيث مارس المحتل كل أنواع التعذيب النفسي والجسدي ، بدءا من الحرمان من النوم لفترات طويلة ومرورا بالحرمان من الطعام الا بما يبقي حسام حيا وصولا الى الشبح وغيره من آساليب التعذيب ، وغالبا ما كان يتم اجلاسه على كرسي صغير لا تتجاوز قاعدته خمسة وعشرين سنتميترا مربعا وارتفاعه ثلاثين سنتميترا وتقييد يديه الى الخلف لفترات طويلة.

أما تحقيق سجن عكا فكان له وضع خاص في التعامل مع حسام خضر ، حيث تم تغيير طاقم التحقيق بشكل كامل واصبح خضر يخضع لتحقيق قاس وصل في ذروته الى التحقيق معه بشكل متواصل لمدة ست وتسعين ساعة ، حيث كان يتناوب عليه أكثر من عشرة محققين ، الا أنهم لم يظفروا بأي اعتراف منه ، فاضطر جهاز الشاباك الاسرائيلي لاستدعاء مسؤول الجهاز ( آفي ديختر ) حيث حقق معه شخصيا ، وبقي حسام خضر حصنا منيعا أمام كل اساليب السجان ، وتم بعد ذلك نقله الى سجن الجلمة لمدة اربعة ايام كانت ايضا اياما صعبة فلم تختلف طرق المعاملة فيها الا بشيء واحد هو زيادة الضغط النفسي على حسام الى أن تم اعادته مجددا الى " بتاح تكفا " مرة اخرى . ومن ثم الى السجن السري الذي يحمل الرقم 1391 وهناك مارس المحققون ما بقي عندهم من أساليب وحشية بعيدا عن أعين الرقباء في هذا العالم ، فهو سجن لا يخضع لادارة مصلحة السجون الاسرائيلية ويمارس المحققون فيه تحقيقا عسكريا قاسيا ، لدرجة أن المعتقل لا يستطيع أن يعرف من هو المحقق الذي يحقق معه طوال مدة تواجده في ذلك السجن .

وبعد الانتهاء من التحقيق تم نقل النائب خضر الى عدة  سجون منها الرملة   وبئر السبع ، وهداريم ، وشطة ، وبئر السبع مجددا . وفي جميع السجون المذكورة خاض حسام تجربة العزل الانفرادي في زنازين لا تتوافر فيها ابسط مقومات الحياة .

 اتهامات ولكن ...

وجهت النيابة العسكرية لحسام خضر أكثر من عشر تهم كان من بينها أنه عضو في منظمة معادية على حد وصف لائحة الاتهام ، وأنه ايضا على علاقة مع جهات معادية في الخارج ، وكذلك استلام نقود لتنفيذ عمليات عسكرية لصالح كتائب شهداء الاقصى ، ورغم كل هذه التهم التي لفقت اليه الا انه لم يعترف بأي منها، فسعى المحققون الى اجبار معتقلين آخرين على الاعتراف بعلاقتهم العسكرية بحسام خضر ، الا أن الشهود سحبوا اعترافاتهم التي اجبروا عليها في اخر محاكمة له .

 اللجنة الشعبية

اللجنة الشعبية في أحد اجتماعاتها

كان لا بد من لجنة تأخذ على عاتقها حملة التضامن مع النائب خضر ، فكان ميلاد اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر والأسرى الفلسطينيين.حيث انبثقت عن اجتماع شعبي كبير شارك فيه العشرات من ممثلي الاطر والمؤسسات الشعبية والاهلية.

وقال تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني الفلسطيني منسق اللجنة إنها لجنة شعبية تضم أعضاء من المجلسين الوطني والتشريعي ، وشخصيات اعتبارية ورجال دين، وكوادر نسائية, وأكاديميين وإعلاميين ومحامين ومؤسسات حقوقية وممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية بهدف التضامن والقيام بأنشطة احتجاجية على اعتقال النائب حسام خضر وبقية الأسرى في سجون الاحتلال .

ولم يقتصر الأمر على فلسطينيي الداخل فقط , بل تعداه إلى فلسطينيي الشتات في لبنان ، وسوريا ، والأردن ، وأوروبا ، وأمريكا ، وكندا ، واستراليا وبقية أنحاء العالم,لان حسام خضر إضافة لعضويته في المجلس التشريعي فإنه يعتبر من ابرز قيادات اللاجئين,حيث يرئس واحدة من أهم لجان الدفاع عن حق العودة وهي لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين,والتي تميزت بمواقفها الواضحة والجريئة والحاضرة في كل وقت للدفاع عن اللاجئين وقضاياهم وحقوقهم.

وعقدت اللجنة اجتماعها الأول في مكتب النائب حسام خضر في مخيم بلاطة يوم السبت الموافق 22/3/2003م حيث تم الإعلان عن ميلاد اللجنة الشعبية.

وقال نصر الله ان اللجنة قامت بكثير من النشاطات التضامنية مع النائب خضر خلال العام المنصرم كان أهمها تنظيم الاعتصامات أمام مقر الصليب الأحمر وتسليم المذكرات الاحتجاجية ، واقامة المهرجانات الجماهيرية والمسيرات الرافضة لسياسة الاعتقال في كثير من المحافظات الفلسطينية والمواقع الأخرى ، إضافة إلى إصدار البيانات حول ظروف الأسرى وأوضاعهم وسوء المعاملة التي يتعرضون لها .وأشار إلى ان اللجنة عملت على إبراز قضية الأسرى في المحافل الإعلامية من خلال الندوات واللقاءات والبرامج الصحفية والتحقيقات وكتابة الرسائل والتقاء المسؤولين لشرح ظروف اعتقالهم.

 الحرمان

وتقول أم العبد والدة الأسير خضر إن هذه هي المرة الأولى التي يعتقل فيها حسام ولا أتمكن من زيارته عاما كاملا،منوهة إلى أنها شاهدته مرة واحدة في المحكمة بعد عشرة شهور على اعتقاله.وتصمت قليلا وتتابع :- استيقظ كل ليلة وأوجه دعوات ليرضى الله عليه،ويوفقه كونه الولد الأغلى عندي.

وتشير إلى أنها تنتظر محكمته لحظة بلحظة،لتراه – مع الأسف - عن بعد ودون السماح لأطفاله بالتسليم عليه،أو الدخول إلى قاعة المحكمة.

من الارشيف: النائب خضر مصاباً في ساقه اليمنى - الانتفاضة الاولى عام 87

شقيقته دعد ما تزال تتذكر المرة الأولى التي شاهدت حسام فيها بعد مئة وعشرة أيام على اعتقاله ، حيث كان خارجا من التحقيق وكان مكبل اليدين والرجلين بشكل قاس ، وعندها كما تقول ذرفت الدموع وكدت اتشاجر مع الحراس.

وما يزال غياب حسام عن أطفاله يترك أثرا بالغا في مشاعرهم ، فهذا احمد الذي اعتاد يوميا النوم على سرد قصة من والده أصبح يبكي كلما يحتاج لذلك ولم تتوافر له القصة.وتقول دعد ان احمد يقف مرات كثيرة في اليوم أمام صورة والده ويبدأ بإرسال القبلات له ، وأحيانا يستيقظ ويقول اليوم حلمت أنني لعبت مع بابا.

أما أميرة التي تبلغ من العمر تسع سنوات فإنها تتذكر كل يوم جمعة كيف كان والدهم يأخذهم للتنزه ويشتري لهم الهدايا والألعاب،فيما أماني التي تبلغ الثانية عشر عاما فإنها افتقدت الشخص الذي كان محل أسرارها.

ويعتبر يوم الحصول على الشهادات المدرسية اليوم الأكثر إيلاما للأطفال الثلاثة ، حيث يحرمون من جوائز والدهم وهداياه والحال كذلك أيام العيد.

مواقف البطولة 

كل من عرف حسام ، عرفه من خلال مواقفه السياسية والوطنية التي لم تتغير مع تغير الظروف والاحوال وتقلبهما ، فكان دائما من دعاة تحمل المسؤولية فيقول: :المسؤولية إحساس, شعور, فكر, جاهزية وعطاء.. وليست إدعاء كاذب.. إنها قناعة وإيمان بمبدأ ورسالة، استعداد للتفاني في سبيل هدف سامي وعظيم، وليس هناك ما هو أسمى من الإنسان الفلسطيني، المواطن المثقل بالهموم والمكبل بغياب القانون والمؤسسة والمسؤولية الجماعية تجاهه..كما أنه ليس هناك ما هو أعظم من الانتماء للوطن فلسطين.. الأرض والتاريخ المغيب، والمحتلة من أعداء يريدون إقصاءنا من كل دائرة ضوء،وتجاوزنا في كل خطوة، وعليه لا يحق لأي كان أن يفرط بكرامة إنسان،أو ذرة تراب من فلسطين".

وحسام من أبرز الداعين الى ضرورة تحقيق إصلاحات في صفوف السلطة الفلسطينية،والعمل بمهنية في صفوف الأجهزة  الأمنية ، وكذلك وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب  ومحاسبة من يثبت تقصيره في خدمة ابناء الشعب الفلسطيني ، وهو من أبرز منتقدي التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الفلسطينية. فيقول " إن المسؤولية تستدعي تفعيل مؤسسات سلطتنا الوطنية الفلسطينية كأحد أهم الإنجازات المادية لشعبنا، ومحاسبة الفاسدين، وتعزيز روح المقاومة المشروعة للاحتلال وتواصلها".

هذا وقد برز حسام رجلا وقائدا مدافعا عن  حقوق اللاجئين فانتقد أي حل يستثني قضيتهم،وأنه لن يكتب له النجاح،وسيشعل في المنطقة مزيدا من التوتر ، وكان دائما يحذر من عدم سماع وجهة نظر اللاجئين في الحلول المقترحة واعتبر أن الاحتلال والفساد وجهان لعملة واحدة .

وفي سجون الاحتلال لم يتغير شيء من مواقفه السابقة،وانما زاده الاعتقال قوة وصلابة وقدرة على تحمل المسؤولية والتعبير عن هموم المعتقلين وقضاياهم، فكان ينقل صورة الوضع المأساوي الذي يمر به الاسرى من خلال محاميه رياض الانيس . فيؤكد على  أن الأسرى والمعتقلين في كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية يمرون بظروف إعتقالية لم يسبق لها مثيل، ودعا المؤسسات الحقوقية والشعبية إلى تقديم العون لهم، فيما طالب المؤسسات الدولية بالعمل على إنقاذ الأسرى الذين يواجهون الاضطهاد والتنكيل . وكان قد دعا حكومة (ابو مازن) ومن بعدها حكومة (احمد قريع) الى جعل قضية الاسرى من أهم أولوياتها قائلا " على الحكومة الفلسطينية عدم توقيع اي اتفاق مع اسرائيل الا بعد اطلاق سراح الاسرى والاسيرات ".

أما اتفاقية جنيف فأعتبرها حسام خضر مساسا واضحا بالثوابت الوطنية، وتحديدا فيما يتعلق بقضية اللاجئين فيقول " ان هذه الاتفاقية لا تمثل موقف اللاجئين،وانما تمثل وجهة نظر الذين وقعوا عليها فقط ، فهي تشكل تراجعا واضحا عن مقررات المجالس الوطنية المتعاقبة " ودعا خضر في حينه الى افشالها ومقاومتها ، وعدم التوقيع عليها والتمسك بالثوابت،الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني .

اعتقال لأهداف سياسية

تيسير نصر الله

يعتبر تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني منسق اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر والاسرى الفلسطينيين أن هذا الاعتقال هو اعتقال سياسي وانتهاك للحصانة البرلمانية التي يتمتع بها اعضاء المجلس التشريعي .

وعن شخصية خضر يؤكد نصر الله على أن الحياة والظروف التي عاشها حسام هي التي كونت لديه الشخصية التي عرفناه من خلالها ويضيف " لقد عايش حسام حركة فتح منذ نعومة اظفاره بدءاً بحياته الجامعية والدور المميز له في حركة الشبيبة الطلابية،ومن ثم ابعاده الى خارج فلسطين،وكذلك تجربة السجون ، كل ذلك كون لديه شخصية قادرة على معرفة مواطن الخلل وطرق إصلاحها .

الصفحة الرئيسية | حسام في سطور | السيرة الذاتية مقابلات صحفية | مقابلات تلفزيونية | حوارات حية | بيانات | وجهة نظر | مَشاهِد  | مقالات حرة  | روابط   | دفتر الزوار | صور | اللجنة الشعبية للتضامن مع النائب حسام خضر | تعريف باللجنة | ليلة الاعتقال | آخر الاخبار | بيانات اللجنة | نشاطات اللجنة  | الاعتقال في الصحافة| بيانات تضامنية | التوقيع |التقارير الاعلامية دخول اداريين | English | |

تصميم وتطوير: ماسترويب

أفضل عرض للصفحة هو 800*600 فما فوق

للمراسلة info@hussamkhader.org

           freekhader@hotmail.com