رسالة الى الصديق النائب حسام خضر

 بقلم الدكتور : عبد الرحيم كتانة

 

وصلتني رسالتك المؤرخة في 14 آب بتأخير ينوف عن الشهر من سجنك ( قلعة صمودك ) في هداريم .

 

لقد شعرت بالسعادة والألم معاً عندما قرأتها : السعادة لأنك بصحة جيدة ومعنويات عالية كما عهدتك دائماً, أما الألم فمرده إلى أنك ذكّرتني بعجزي  عن عمل أي شيء من أجلك وإخوتك الأسرى . والواضح أنه لا أنا ولا غيري يستطيع عمل شيء سوى التوسل لشارون وبوش  بأن يشمل عطفهم بعض الأسرى بمناسبة هذا الشهر الفضيل . مع علمك وعلمي أن هذه البادرة لن تتحقق إلا بشروط قاسية أولها أن تكون هذه اللفتة صادرة عن قمة فلسطينية إسرائيلية وأمام وسائل الإعلام كلها وأن يتوافر بضعة مئات ممن شارفت مدة محكوميتهم على الانتهاء، وأخيراً أن يكون قد تم إلقاء القبض على بضعة آلاف معتقل جديد في الفترة ما بين الإفراج الأخير والإفراج المنوي القيام به لتبقى سجونهم عامرة، وأفراح رام الله عامرة بإذنه تعالى.

 

الصديق العزيز :تلومني على توقفي عن الكتابة في الصحف لفضح النهج الفاسد , ويتضح من كلامك أنك( غايب طوشة) , كما يقولون , لأنك  -وكما يبدو- لا تعلم أن الفساد عندنا أصبح مثل تسونامي لا تستطيع قوة بشرية التصدي له , لا سيما وأنه مدعوم ( مثل الدولار) أمريكيا وإسرائيليا وحتى أنه أصبح  بفضل المجلس اللاشرعي الفلسطيني رسميا.

ولأنك غايب طوشة فإنني أضعك في صورة التطورات الأخيرة على صعيد القضية الفلسطينية :

 

1 :إن أولويات أعضاء المجلس اللاشرعي ( الذي تنتمي إليه )هو أن يبقوا إلى أبد الآبدين على كراسيهم, وإذا -لا قدّر الله - توفي أحدهم فلقد سنوا قانون تقاعد أبديّاً يضمن مخصصاتهم أبد الدهر , وشراء سيارات جديدة من نوع أودي 6 على حساب الشعب الفلسطيني،  ورمي الأودي 4 التي بحوزتهم . وأطمئنك أن بعضهم لا تعجبه الأودي 6 ف فاقتنى سيارات جديدة سعرها يساوي ثروتك وثروتي وثروة آبائي وأجدادي وآبائك وأجدادك إلى يوم القيامة , علماً بأنني وأنت نعرف هذا "البعض" وأنهم قبل أن يصبحوا أعضاء في المجلس التشريعي لم يكونوا يحصلون على دراجة هوائية .وبالمناسبة لقد قرأت في الصحف المحلية أن الديوان الملكي الهاشمي قرر بيع السيارات الفارهة التي يقتنيها موظفو الديوان، وشراء سيارات صغيرة للتوفير ,في الوقت الذي يشرّع فيه مجلسكم مثل هذه التوجهات.

 

2:إن أولويات القيادة الفلسطينية الآن هي التوسل لشارون حتى يوافق على عقد لقاء قمة , علماً بأننا نعلم علم اليقين أننا لن نحصل على شيء كثمرة لهذا اللقاء، وإنما من أجل القول للعالم إننا متمسكون بالعملية السياسية الجارية، وملتزمون بتعهداتنا حتى يصرف لنا هذا العالم مخصصاتنا كثمن لحسن سلوكنا!!.

 

3 :إن أولويات القيادة هي جمع سلاح المقاومة، وليس ضبط فوضى السلاح كما يدعون , لأن السلاح الفوضوي هو سلاحهم وسلاح ( جماعتهم ) ويستطيعون ضبطه ولملمته بساعات.

 

           4: إن أولويات المواطن العادي اليوم تتمثل في أكله وشربه وعلاجه وتعليم أولاده، ولكنه بعدما عجز عن تأمين هذه الحقوق الأساسية والطبيعية يبحث الآن عن إبن حلال ليؤمن له منحة من الرئيس أو من عضو تشريعي وليكن معلوماً لديك أخي حسام أن هذا النوع من الفساد يعتبر (قياساً بما هو موجود ) بسيطاً وراقياً ومبرّراً . المهم أن الناس الآن تبحث عمن يؤمن لها هذه المتطلبات، وإذا كانت طموحاتهم أكثر من ذلك فهي ستخوض الانتخابات التشريعية لأن امتيازاتهم أهم من امتيازات أمراء الخليج كما أفادني عضو حالي في المجلس، وعضو لجنة مركزية لتنظيمٍ رئيسٍ في الساحة الفلسطينية

 

           5: هل تعلم أن إحدى أولوياتنا أصبحت دعم إسرائيل وتسويقها في العالمين العربي والإسلامي لتطبيع العلاقات معها وإذا كنت لا تصدقني فاسأل برويز مشرف.؟!!

 

          6: هل تعلم أننا نتوسل شارون  لإطلاق سراح  البعض منكم وبخاصة ممن شارفت مدة محكوميتهم على الانتهاء أو فتح حاجز حوارة أو إزالة حاجز سردة أو شافي شومرون ؟ نحن نتوسل وشارون يرفض ومن يهن يسهل الهوان عليه!!

 

           7:ألم يخبرك أحد أننا أصبحنا من جماعة شارون ضد نتنياهو , فالقضية الفلسطينية منذ أوسلو أصبحت قضية إسرائيلية داخلية ,فنحن تارة مع بيرس ضد رابين، ومع رابين ضد شارون، ومع شارون ضد نتنياهو.

 

 وأخيراً أصبح شارون بنظر بعضنا وبعض العرب رجلاً شجاعاً وملتزماً ورجل سلام (رحم الله صبرا وشاتيلا وقبيا وآلاف المجازر الأخرى ) ويقال إنه بفضل شهاداتنا سيمنح شارون قريبا جائزة نوبل للسلام، ويصبح بيرس أمينا عاما للأمم المتحدة وسيُدان الفلسطينيون في الأمم المتحدة بأنهم إرهابيون (أتذكر أيام كان هناك قرار من الأمم المتحدة يعتبر الصهيونية حركة عنصرية ويدينها وأن بركة مفاوضات السلام حلت على الأمم المتحدة فألغت قرارها ؟).

 

           8: ومن أولوياتنا أيضاً الموافقة على نزع سلاح المخيمات في لبنان , ما دامت هناك قيادة جديدة أُتي بها لتنفيذ القرار 1559 والقاضي أيضا بنزع سلاح حزب الله بعد خروج سوريا من لبنان .أتدري لماذا نحن فعليا وفي الأعماق نريد تنفيذ هذا القرار الدولي ؟ ليس بالطبع كما قد  تعتقد بأن الباب سيفتح لتنفيذ القرارات الدولية الأخرى، وإنما لنؤكد ما كانت قيادتنا تدعيه في العلن وفي الباطن بأنه إذا لم نستطع نحن الانتصار على الصهيونية فلن يستطيع أحد غيرنا فعل ذلك , وبالتالي لا يلومننا أحد على ما أقدمنا عليه!!!.

 

          9:أتعلم ما هي دعوات المواطنين وبخاصة الأمهات : سقى الله أيام زمان (لا أدري إذا ما كانوا يقصدون أيام الاحتلال؟)

 

          10: وأخيراً صديقي العزيز سأسألك بعض الأسئلة حول عدد من القضايا التي لا أفهمها علك تساعدني في استيعابها:هل سمعت بسلطة لشعب تحت الاحتلال يكون همها الأساس الدفاع عن أمن المحتل وليس عن أمن شعبها؟ وهل سمعت بثورة كلما ضحى شعبها أكثر وأكثر أصبح السقف السياسي لقيادته أقل وأقل ؟ وهل سمعت بثورة أو بسلطة تحت الاحتلال دخلها الأساس من الصدقات والهبات الدولية ومع ذلك فإن دخل قياداتها وكوادرها أكبر بكثير من دخل رئيس البنك الدولي ( البالغ خمسة ملايين دولار في السنة )؟ وهل سمعت بقيادة تستصرخ كوادرها في السجون ليترأسوا قوائمها الانتخابية لتحفظ ماء وجهها؟؟؟