الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

كتب
New Page 1

'أرض جوفاء' لإيال وايزمن..الحلقتين الاولى والثانيه

01/11/2010 09:46:00

'أرض جوفاء'   --  لإيال وايزمن

 الحلقة الأولى

وقف الاستيطان يعني تغيير كلي لسياسات إسرائيل ومكوناتها

وفاء أحمد سيف

يشخص كتاب 'أرض جوفاء'، للمهندس المعماري إيال وايزمن مدير مركز البحوث الهندسية في كلية جولد سميث بجامعة لندن، بعمق حال الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، بعد أربعة عقود ونيف من السياسات الإسرائيلية تجاه الأرض والسكان لجعلها جزءا ومجالا جوهريا في استراتيجيات إسرائيل.

يوضح الكتاب، وإصدارات أخرى للكاتب وايزمن، من بينها كتاب 'مناطق محظورة' أن تلبية الشرط الفلسطيني بوقف الإستيطان إنما يعني في الحقيقة، تغيير شامل أيدلوجي واستراتيجي في سياسات الكيان الصهيوني يهدد بحدوث تصدعات كبيرة ومنازعات غير محدودة، كما يشير الخلاف الداخلي في إسرائيل حول ما يسمى بـ'قانون الولاء'، الذي طفى إلى السطح كأحد الإشتراطات الإسرائيلية الرئيسة ردا على الموقف الفلسطيني من الإستيطان.

يرض الكاتب الطرق والإشكال المتعددة التي اتبعتها سلطات الاحتلال على مراحل متعددة. ويقدم تحليلا معمقا للمضمون السياسي المتضمن في مجموعة من العناصر والأساليب كعمارة البناء الغامضة في المستوطنات، الإضاءة المكثفة، استخدام الحجارة، بناء الجدران والأسلاك الشائكة والمكهربة، آليات العزل والحصار، طرق الإدارة، وضع الخرائط، طرق المراقبة تكتيكات ضم الأراضي، تقنيات استخدام السلاح، النظريات العسكرية المتعددة والتكتيكات المعقدة.

يشرح الكاتب دور 'الهندسة المعمارية' ومساهمتها في وضع بُنى وتركيبة الاحتلال بجزئياته وتفاصيله. والمهندسون في الكتاب، هم سياسيون عسكريون خبراء ونشطاء آخرون ساهموا جميعا في هندسة الاحتلال.

كان طبيعيا أن يبدأ المؤلف فصول كتابه من القدس مكانا وسكانا وكيف هندست إسرائيل احتلال 'المدينة الموحدة'. يمهد المؤلف نبذة تاريخية عن المدينة بدءا من سيطرة البريطانيين على القدس وفلسطين أثر استسلام الحامية العثمانية في التاسع من ديسمبر عام 1917، بعد قطع خطوط إمداداتها، الصحافة البريطانية اعتبرت في ذلك الوقت هذا الحدث نجاحا للحملة الصليبية الجديدة 'في المعركة التي قادها الجنرال اللينبي. بعد ثلاثة أسابيع من سقوط المدينة، أعتبر الكولونيل رونالد ستورز الحاكم العسكري للقدس أن عودة اليهود إلى أراضيهم هو نوع من تنفيذ العدالة التاريخية ورأى أن تجسيد المشروع الصهيوني سينتج عنه وجود مكان موال لبريطانيا وسط منطقة عربية معادية'.

عشية الاحتلال البريطاني يقول الكاتب – كانت القدس مدينة متنوعة الأعراق، تتعايش فيها الأديان وتمتلئ بالمباني الفاخرة التي تعود ملكيتها للطوائف والديانات المتعددة. وظهرت مبكرا وبعد فترة وجيزة من احتلال بريطانيا للمدينة، خطط بناء وفق أنظمة ومفاهيم جديدة، تهدف إلى عزل المدينة القديمة عن محيطها.

عام 1967 وأثر احتلال الضفة الغربية وغزة، بدأ التغيير الراديكالي، حين ضمت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي اشكول وبعد 20 يوما من احتلال شرق القدس، مساحة 70 كيلومترا مربعا من الأراضي الفلسطينية التي كان يقطنها 69 آلف مواطن وأراضي أخرى، بما في ذلك 28 قرية، إلى القدس عاصمة 'الشعب اليهودي التي لا يمكن تقسيمها'.

بعد أيام من الاحتلال، أزال الجيش الإسرائيلي، بتشجيع من حاييم وايزمن الرئيس السادس لدولة إسرائيل، حي المغاربة الملاصق لحائط المبكى على وجه السرعة عشية بدء الاحتفالات اليهودية. تبع ذلك ترحيل ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني سكنوا فيما كان يعرف بالحي اليهودي الملاصق لحي المغاربة. وبعد شهرين من الاحتلال أعلنت إسرائيل المدينة القديمة كلها موقعا اثريا ومنعت أي عمليات بناء غير مرخص بها من قبل الدوائر المشرفة على الحفريات الأثرية.

يرى المؤلف أن، هدف هذه الحفريات هو العثور على ما يبرر 'عودة إسرائيل إلى المكان وكذلك محاولة أعادة تقديمها بمواصفات هندسة معمارية إسرائيلية'. ونشطت في هذه الفترة الحفريات تحت سطح الأرض لإيجاد صلة بعهود التوراة ولإثبات أن فلسطين كانت مكانا يهوديا، وأن اليهود هم السكان المحليين والأصليين وأن الفلسطينيين هم من قام بإتلاف وإخفاء هذه المعالم. وجرى لاحقا أقامة القرى والمدن والمستوطنات الجديدة بالقرب أو ملاصقة لمواقع يزعم أن لها صلة بالعبرانيين أما ما كان على السطح منذ بداية العهد الإسلامي بما في ذلك حقبة العثمانيين، فقد تم تهميشه وإهماله. وأتبع الذين كانوا يقومون بعمليات الحفر والتنقيب، منهج الأميركيين والبريطانيين المتبع منذ القرن التاسع عشر، ولكن الهدف الإسرائيلي كان 'وطنيا' وليس دينيا محضا وفي إطار البحث عن هوية الدولة الجديدة. وفي إطار هذه السياسة، ضمت إسرائيل عمليا مناطق كثير في الضفة ذات صلة مزعومة بالتاريخ العبري واعتبرتها ملكية ثقافية ووطنية تقوم الدولة بإدارتها.

يواصل وايزمن في الجزء الأول بتفصيل عرض ملف العلاقة بين الهندسة المعمارية والتنقيب عن الآثار وعمليات البناء في القدس والحي اليهودي. ويتوقف عند بعض النماذج المحيطة بالمدينة والمؤلفة من بيوت صغيرة 'تنسجم مع طبيعة التلال المحيطة بنايات منسقة أليفة تبدو مترابطة مناطقيا وتعكس في بنائها نموذجيا شرقيا ومتوسطيا.. ويتضمن القدم والجذور الوطنية'. وهدف هذا النوع من المعمار من خلال نماذج عديدة وفي مناطق متعددة خلق 'الفنتازيا' الضرورية لتقوية الهوية الوطنية الجديدة وإعطاء حجة محلية للتوسع في المدينة المقدسة. وتم ربط الأحياء البعيدة وتلك التي ستبني مجددا بـ'العاصمة الموحدة والأبدية للشعب اليهودي' وبالتالي، وضفها وفق معظم الإسرائيليين، بعيدا عن طاولة المفاوضات.

ومع أن الفريق الإسرائيلي في مفاوضات 'كامب ديفيد' عام 2000، وافق من حيث المبدأ على مقترحات الرئيس كلينتون أعادة الأحياء والقرى الفلسطينية المحيطة بالقدس، إلا أن إسرائيل تمسكت بإبقاء سيطرتها على المناطق والمستوطنات الإسرائيلية التي تسمى في مجموعها بـ'القدس اليهودية'. وهذه مناطق وحدود خططت لإقامتها لجان عسكرية إثر حرب حزيران عام 67، رغم أنها تبدو الآن مناطق مألوفة وطبيعية للإسرائيليين إلى درجة أن إعادة هذه المناطق الفلسطينية أصبح يعني تقسيم القدس.

ينتقل المؤلف إلى فصل آخر ليعرض التغيير السكاني عبر ما سماه 'هندسة الديمغرافيا'، ويشرح كيف أن قرار الاحتلال بالمحافظة على توازن ديمغرافي معين في القدس بنسبة 28 في المائة فلسطينيون و72 في المائة يهود، أثر جوهريا على كل خطط البناء في المدينة وحدود المعالم الرئيسية لخارطة المدينة. هنا يلاحظ الباحث، مشاركة المخططين والمعماريين ومن عمل معهم في تنفيذ 'سياسة الدولة' في التهجير أو ما كان يعرف بالترانسفير السري في الدوائر الإسرائيلية وهذه سياسات تعتبر جرائم وفق القانون الدولي.

لقد أدى عدم تحقيق الأهداف الإسرائيلية تماما، إلى تنفيذ المزيد من الإجراءات القاسية المخالفة للقانون الدولي وحتى للقوانين الإسرائيلية من ناحية نظرية. وأسهم هذا بدوره إلى إتباع المهندسين والمخططين لغة معتمدة ذات دلالات غامضة وعامة تشير إلى التوسع السكاني والتوازن والحاجات التنموية والنتيجة كانت الاكتفاء بإعطاء مائة تصريح سنوي للفلسطينيين ببناء منازل في القدس، في حين تم أعطاء اليهود 1500 تصريح في نفس الفترة مما نتج عنه بناء 90 آلف وحدة سكنية لليهود في الجانب الشرقي من المدينة منذ الاحتلال.

إذا كانت سياسات الاحتلال تجاه القدس قد حكمتها الحاجات الإسرائيلية إلى أنزال الأساطير وتجسيدها على أراضي يقطنها أناس عاديون، فإن السياسات تجاه باقي الأراضي في الضفة الغربية وغزة قد تأثرت إضافة إلى الاعتبارات نفسها بالكثير من الاعتبارات العسكرية والأمنية.

بعد إنهاء ما عرف بخط بارليف وهزيمة الجيش الإسرائيلي في بداية حرب عام 1973، أصبحت فلسفة شارون العسكرية هي الأكثر قبولا. وحُسم الجدل داخل الجيش الإسرائيلي والدوائر السياسية الأخرى، حول أفضل الطرق العسكرية للدفاع عن سيناء المحتلة. شارون كان يعتقد أن المصريين عاجلا أم آجلا سيقومون بمهاجمة خط بارليف وقد عارض بناءه ولجأ إلى إتباع إستراتيجية دفاعية كانت في الحقيقة - يلاحظ المؤلف- اختراعا يتيح التبادل بين الوقت والمكان ويلبي تبادل أشكال دفاعية وهجومية مختلفة. كانت خطة شارون على الجبهة المصرية، تسمح للجيش المصري بالتقدم مسافة كيلومترا أو اثنان داخل سيناء (المكان). في هذه الأثناء يستغل الجيش الإسرائيلي الوقت لترتيب ضرب القوات المصرية من الخلف وقطع الإمدادات عنها في الوقت الذي تقوم به مواقع متقدمة للجيش الإسرائيلي باستغلال الوقت والتعامل القوات المصرية المتقدمة وإشغالها إلى حين تطوير الدفاع إلى هجوم غير متوقع يرافقه حصار من الخلف.

عام 1977، قام مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بتسليم شارون وزارة الزراعة ووزارة المستوطنات، ما وفر لشارون الفرصة كي يطبق فلسفاته العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مع تسلم حزب الليكود للسلطة كان عدد المستوطنين 4500 مستوطن ينتشرون في قرابة ثلاثين مستوطنة في الضفة وغالبا ما توافق تواجدها مع خطة آلون لإعطاء الفلسطينيين نوعا من الحكم الذاتي بالتنسيق مع الأردن.

وبعد 40 يوما من تسلم شارون منصبه الوزاري، كشف عن خطته لإقامة سلسلة من المستوطنات في الضفة تنتشر شمالا وجنوبا. وتضمنت الخطة التي تم تحضيرها بالتعاون مع المهندس المعماري إبراهيم ووكمان، المحاضر في معهد تكنيون بجامعة حيفا، إقامة مئات النقاط الاستيطانية المأهولة في الجبال وفي الضواحي والمستوطنات الصناعية الواقعة في عمق الضفة، ويتم وصل هذه المناطق الجديدة بالخدمات وبشبكة طرق حديثة واسعة موصولة بدورها بالمراكز السكنية الكبيرة داخل إسرائيل. واقتضت خطة شارون أقامة مستوطنات على جنبات وبالقرب من هذه الطرق لحمايتها وتعزيز صلة المستوطنات المتقدمة في الضفة بإسرائيل.

وفق الخطة يقول المؤلف، تشكل المستوطنات حواجز بين الفلسطينيين في المناطق الجبلية المأهولة من ناحيتي الشرق والغرب. وتجزئتها عبر حركة المرور شرقا باتجاه إسرائيل وغربا وبالعكس وما يلزمها من طرق عريضة محمية من الجيش والمستوطنات المقامة بالقرب منها والمطلة على هذه الطرق التي تقاطع مع طرق فلسطينية قديمة وأدت إلى إلغائها مما سينتج عنه عدد من التجمعات الفلسطينية المعزولة حول المدن الكبرى موصولة ببعضها عبر أشراف إسرائيلي كامل.

في الفصول اللاحقة يروي وايزمن عبر عشرات الخرائط والصور ما شاهده الفلسطينيون على الأراضي لحظة بلحظة طوال ثلاثة عقود من تنفيذ إسرائيلي رسمي لهذه الخطط التي أحبطت إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة أو قابلة للحياة عمليا. وقد شارك المهندسون والمخططون والسياسيون والجيش الإسرائيلي في وضع سياسات تتعلق بكل صغيرة وكبيرة: شركات الكهرباء، المجاري، المياه، الطرق، التجارة والقيام بتنفيذها بكل الوسائل وأن لزم الأمر عبر سياسات القتل والتهجير.

يتبع....

أ. ل

 الحلقة الثانية

سبعون طريقا ونفقا وجسرا قسمت الضفة بين المستوطنين والفلسطينيين

 

يقول المهندس المعماري إيال وايزمن، مدير مركز البحوث الهندسية في كلية جولد سميث، جامعة لندن، في كتابه 'أرض جوفاء' وهو يدقق في مسارات الجدار السياسية والعملية إن 'فانتازيا الانفصال الإسرائيلية ترمي إلى خلق وقائع سياسية إسرائيلية على الأرض تضمن مناطق جغرافية ذات سيطرة إسرائيلية كاملة إضافة إلى هدف الحماية من الهجمات الفلسطينية'. لماذا هذه الفانتازيا؟ يسأل وايزمن ويخلص في محأولة الجواب إلى القول أن أي حكومة إسرائيلية لم تعبر أبدا عن الرغبة أو الإرادة في تفكيك الجزر الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية أو في المناطق اليهودية التي تم ضمها إلى القدس.

يلاحظ وايزمن في السياق الرسالة التي قدمها الرئيس بوش إلى الإسرائيليين بعد إصرار إرئييل شارون في نيسان/ ابريل عام 2004، حول الانسحابات في الضفة ويقول إنه بدون أخلاء هذه المستوطنات ستبقى الضفة مجزأة وغير متصلة عمليا. ويرى أن الجدار الذي يعتبر أكثر المشاريع كلفة في تاريخ إسرائيل، فشل في بناء حدود سياسية راسخة وأن كان يبدو ثقيلا على الأرض محميا بالأسلاك الشائكة وبتقنيات الرقابة العالية، ملتفا حول المناطق التي ستتشكل منها الدولة الفلسطينية المؤقتة والمجزأة وفق تصور مناطق سيادية.

يعرض المؤلف القضايا القانونية الناشئة عن هذه التجزأة في الأراضي الفلسطينية والتداخل الثقيل المتعدد ألأطراف والأشكال وما ينجم عن بناء الطرق وتجزأة الأراضي. ويرى معضلة رئيسة أمام تطبيق تعهدات شارون للرئيس بوش عام 2003 من أن 'تطبيق خارطة الطريق سيضمن تواصل المناطق الفلسطينية جغرافيا وقوله إن الفلسطيني سيتمكن من الإنتقال من مدينة جنين أقصى شمال الضفة وصولا إلى مدينة الخليل أقصى الجنوب دون المرور على حاجز إسرائيلي'...كيف سيتم هذا؟ سؤال وجهه أحد الصحافيين إلى شارون الذي أجاب ساخرا بالقول أن ذلك سيتم عبر مجموعة من الأنفاق والجسور.

لاحقا وضعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المبادئ التي تحكم بناء شبكة من الأنفاق والجسور تزيد على السبعين، تقع كلها تحت الرقابة الإسرائيلية الكاملة. قامت دائرة التخطيط الإستراتيجية الإسرائيلية بوضع تصور وخطط لبناء طريقين متوازيين في الضفة تفصل بينهما حدود المستوطنات والمناطق الفلسطينية وتم البدء بإنشاء 35 طريقا تتضمن بناء أنفاق وجسور عند نقاط تقاطع الطرق الفلسطينية مع طرق المستوطنين. وقد تم إلى الآن بناء 26 نفقا وجسرا عند نقاط التقاطع ويتم الآن أو في طور التخطيط بناء وتجهيز 19 نقطة أخرى وبطريقة تؤكد الفصل بين الجهتين وتقلل -كما يقول الإسرائيليون– المخاطر الناجمة عن الاحتكاك بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين وتمكن المستوطنين من جهة، الدخول إلى مناطقهم والفلسطينيين إلى مناطقهم من الجهة الأخرى دون احتكاك أو انتظار. توفر هذه الجسور وفق خبراء الأمن الإسرائيلي، تواصلا فلسطينيا وبدون إخلاء المستوطنات وكذلك توفر هذه الشبكة من الطرق والأنفاق والجسور للمستوطنين 'التنقل في الطرق العريضة الحديثة والمرتفعة وذلك دون ملاحظة حركة مرور الفلسطينيين في الطرق البائسة أسفلهم'.

حسب وايزمن يسعى المخططون الإسرائيليون إلى تجميع مكانين جغرافيين منفصلين ومتداخلين وفق مبادئ تمنع التقاطع المباشر أو التقاء المستوطنين والفلسطينيين مباشرة. مناطق للمستوطنين في الأعلى منتشرة على التلال المطلة، المنتقاة بعناية والموصولة بطرق حديثة جيدة. ومناطق أخرى للفلسطينيين مزدحمة تتكون من المدن والبلدات والقرى أسفل التلال وفي سفوح الجبال والوديان والمنخفضات. يلاحظ المؤلف عجز هذا النظام المشكل من الممرات الأمنية والبنى والمنشئات والجسور والأنفاق والجدران والطرق ومحدوديته في تحقيق الأهداف. ويخلص في خاتمة هذا الفصل الوافر بالمعلومات والبحث المعمق، إلى أن السعي الإسرائيلي اللامحدود لإنشاء آليات وأشكال ألانفصال بشكل 'مثالي' قد أدى إلى التحقق من أن الحل الدائم لا يتم بالضرورة عبر تخطيط وبناء الحدود.

نتساءل عند هذا المفصل من الكتاب وإثر إستنتاجات المؤلف ومحاولات تقسيم مالا يقسم، عن الأجزاء التالية ولا يتأخر الرد كثيرا: عرض المزيد من السياسات الإسرائيلية التقسيمية، حتى أن عنى ذلك الفتك الجسدي بمن يسكن هذه الأراضي.

في الفصل السابع من الكتاب يتفحص المؤلف الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في مواجهة الانتفاضة الثانية ويعرض تحليلات للتحولات والتطبيقات النظرية والعملية داخل المؤسسة العسكرية. ويقدم تقييمات لا تخلو من المفاجئات. ويعرض في عدد من الأجزاء تحليلا لبعض العمليات والتكتيكات التي اتبعتها قوات الاحتلال لاقتحام مدن ومناطق في الضفة، ويتوقف بشكل خاص عند دلالات اقتحام حي القصبة وسط مدينة نابلس القديمة ومخيمات جنين وطولكرم وبلاطة، كل ذلك بالطبع تحت مظلة من القرارات التي وفرتها دائما القيادات السياسية الإسرائيلية.

قرار قتل أكبر عدد من المقاومين، وبهدف القتل فقط، كما حدث في القصبة وبلاطة وجنين وغيرها، تم عبر لوائح وتعليمات واضحة تم وضعها من قبل المستوى السياسي القيادي: في أيار/ مايو 2001 بعد شهرين من تسلمه رئاسة الوزراء، عقد شارون اجتماعا طارئا مع شأوول موفاز وآفي ديختر ومساعديهم في مكان إقامته وكان واضحا فيما يريد:'على الفلسطينيين أن يدفعوا الثمن...يجب أن يفيقوا كل صباح ليكتشفوا أن عشرة أو اثني عشر منهم قد قتلوا..وبدون أن يعرفوا ما الذي جرى، عليكم أن تكونوا دقيقين، فعالين ومبدعين'. بعد هذا الاجتماع بيٌوم واحد التقى موفاز مع قادة ميدانيين في أحد معسكرات منطقة القدس وبعد أن تأكد أنه لا يتم تسجيل حديثه بدأ بالقول أنه يريد أن يرى 'مقتل عشرة فلسطينيين كل يوم..' وفي تجاوز غير مألوف للمراتب العسكرية، تحدث موفاز من الهاتف الخلوي مع القادة الميدانيين على انفراد وأبلغهم أنه 'يريد أن يصحو كل صباح ليسمع أنكم قمتم بعمليات وقتلتم....'

يلاحظ وايزمن في الصفحات التالية كيف أن العمليات العسكرية في الضفة وغزة كان يتم إظهارها وكأنها معارك إستراتيجية تم الانتصار فيها ويتفاخر الجيش بها.. ولكن القادة أنفسهم الذين خاضوا هذه المعارك هم نفس القادة الذين قادوا الحرب على لبنان. والمعارك الناجحة ضد الفلسطينيين الأقل تسلحا وتدريبا، لم تتكرر في لبنان مع مقاتلي حزب الله الأكثر تدريبا والأفضل تسلحا.

حسب المؤلف أخفى تصوير معارك الجيش في الأراضي المحتلة بأنها انتصارات وبطولات كبيرة وإنجازات إستراتيجية، الانسداد والقصور في المؤسسة العسكرية والكثير من الغباء السياسي وقسوة الجيش وفقدان شرف الجندية هذا إضافة بالطبع إلى فقدان الكثيرين لحياتهم. يرى وايزمن أن اللعبة التي كانت تمارس ضد الفلسطينيين كانت بدون شك أحد أسباب العجز الذي أظهره نفس الجنود في جنوب لبنان. وفي الحقيقة أن الضابطين الذين فشلا في غزة وفي لبنان ليسا سوى الضابطين نفسيهما اللذان نظما الهجمات على مخيم بلاطة ونابلس عام 2002. أفيف كوشافي (قائد الفرقة العسكرية في غزة عام 2006) عندما تم خطف وأسر جندي إسرائيلي في حزيران 2006 وغال هيرس (قائد فرقة في شمال الجليل ). كوشافي أوضح هدف العمليات الانتقامية اللاحقة في غزة وهو التسبب بفوضى في الجانب الفلسطيني'...سنجعلهم يقفزون من مكان إلى أخر..ترك منطقة ثم العودة إليها. عبر اللجوء إلى الغارات والهجمات السريعة بدل الاحتلال الدائم'.

يلاحظ الكاتب أن كوشافي نجح في إلحاق الأذى بمئات المدنيين وبتدمير البنى التحتية الأساسية في غزة، إلا أنه فشل في إعادة الجندي الأسير أو وضع حد للصواريخ. وفي تشابه مثير لما حصل في غزة، طالب هيرش أيضا في الجبهة الأخرى شمالا باعتماد الهجمات السريعة في الرد على ما قام به حزب الله في جنوب لبنان بدل الاحتلال لفترات أطول. لاحقا تم إجبار كوشافي على تقديم استقالته بعد اتهامه بالغرور وبأنه ليس على صلة وتماس مع الواقع.

يتوقف الكاتب عند محاولات الجيش الإسرائيلي الاعتماد على القوة الجوية وتوجه الصناعات الإسرائيلية لتلبية متطلبات سلاح الجو ويشير في السياق إلى إصرار إسرائيل على السيطرة المطلقة في الأجواء لأسباب أمنية كما ظهر في مفاوضات كامب ديفيد. ويتطرق إلى قرار إيهود باراك إغلاق المطار في غزة الذي كان يعتمد عليه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في تحركاته مع بداية ألانتفاضة عام 2000 ثم منعه من التنقل بين غزة والضفة. تبع ذلك في نهاية العام نفسه قيام شارون بإكمال ما بدأه باراك وأصدر أوامر بتدمير المدرجات وكل الطائرات الفلسطينية الموجودة بما في ذلك طائرة عرفات الخاصة وطائرتان مروحيتان كان يستخدمهما في تنقلاته الداخلية.

يقول المؤلف إن النجاحات الإسرائيلية في عمليات القصف والاغتيال وتزايد الاعتماد على القوة الجوية.. دفع المقاومين إلى النزول تحت الأرض وذلك كما حصل مع الأميركيين في فيتنام والروس في أفغانستان. لقد واجه الإسرائيليون جنوبا في غزة معارك من خلال الإنفاق وفي لبنان وبمساعدة القوات الإيرانية تمكن مقاتلو حزب الله من استخدام الأنفاق لضرب الدبابات الإسرائيلية المتقدمة بالصواريخ ساعدهم في ذلك يلاحظ الكاتب، الركام الكثيف الذي سببه اعتماد القوات الإسرائيلية على القوة الجوية..بمعنى آخر، كلما زاد حجم الدمار الذي`تسببه القوات الجوية كلما أضطر المقاومون إلى النزول إلى أعماق أكثر تحت الأرض وكلما أصبحوا أكثر مهارة إلى درجة يصف فيها الكاتب الحرب على لبنان بأنها تمت وفق مجالين سياديين: لبنان فوق الأرض تسيطر عليه إسرائيل من الجو و'لبنان تحت الأرض' وفي القرى والكثير من الأراضي الواسعة. تتوقف الطائرات الإسرائيلية عن القصف فيصعد مقاتلو حزب الله ليقصفوا شمال إسرائيل بالصواريخ. وفق القراءة العسكرية فإن حفرة الأنفاق ربما وعن وجه حق، تمكنوا من هزيمة بناة الجدران وسادة الأجواء يقول المؤلف.

أرض جوفاء بلا شك، خالية من الأحلام والآمال وليست هي الأراضي الموعودة.. أرض الحليب والعسل وليست هي بالطبع تلك الأرض التي بلا شعب ويستحقها شعب(اليهود) بلا وطن. تلك النتيجة التي تصل إليها في نهاية كتاب بذل مؤلفه جهدا كبيرا لإتمامه على هذا النحو الموثق والمليء بالاستنتاجات أهمها- وبعد رؤيته مكابدة و معاناة الناس العاديين من جميع الأطراف  من جراء محاولات صياغة المكان وإعادة تشكيلة وفق أجندة مختلفة- الفشل في وضع أسس لحل مقبول وممكن.

لقد انتهت هندسة الاحتلال وعبر كل الوسائل، إلى هندسة حل لا يحل شيئا بل ويعمق مأزق الجميع خاصة الإسرائيلي. 

                                                                        *************



جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email