الصفحة الرئيسية

 

انضموا الى صفحة الفيسبوك

   *   علاقة حركة حماس بالإخوان المسلمين بعد تولي الأخيرة الحكم بمصر من خلال سلسلة من الاحداث بين الفريقين (طلبة تخصص الاعلام بجامعة النجاح الوطنية نموذجا) إعداد أنوار ايمن حاج حمد    *   في لقاء مع جريدة القدس الفلسطينية    *   الاحتلال يفرج عن النائب حسام خضر بعد اعتقال دام 15 شهرا    *   من كل قلبي اشكر كل من تكبد عناء السفر وجاء ليهنئني في تحرري من الاسر ويشاركني فرحة الحرية    *   تهنئ لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين جماهير شعبنا الفلسطيني بالإفراج عن:    *   أتوجه لكم يا أبناء شعبنا الفلسطيني البطل أنا حسام خضر ..    *   حسام خضر الفتحاوي العنيد .. يتوقع إنتفاضة ثالثه..و يشاكس الحريّة.    *   تجديد الاعتقال الإداري للمرة الثالثة بحق النائب الأسير حسام خضر 6 أشهر أخرى .    *   

لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين

مركز يافا الثقافي

الحرية للأسير القائد حسام خضر


ليلة الإعتقال


للنكبة طعم العلقم في حلوقنا


خاطرة من وحي الاعتقال


موت قلم


لا يوجد تصويتات جديدة حالياً نتائح آخر تصويت

هل تتوقع اتمام المصالحة بعد انتخاب الرئيس المصري الجديد محمد مرسي؟

نعم: 36.84 %
لا: 31.58 %
لا أعرف: 31.58 %

التصويت من تاريخ 04/08/2012
الى تاريخ 04/12/2012
مجموع التصويتات: 57

كتاب ندوة اليوم السابع
New Page 1

مجموعة كلب البراري

18/02/2010 09:30:00

 

القدس:11-2-2010 ناقشت ندوة اليوم السابع الدورية الاسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس الشريف مجموعة(كلب البراري)القصصية للأطفال،وهي الاصدار الأدبي الجديد للأديب المقدسي جميل السلحوت،وتقع المجموعة التي صدرت عن منشورات غدير في القدس في 64صفحة من الحجم الكبير،وصمم رسوماتها الفنان شاكر عبدالله.

بدأت النقاش حذام العربي فقالت:

بخلاف ما درجت عليه، سأعنون قراءتي هذه كالتالي:

المرأة والانثى بين الغواية والغريزة في القصة للاطفال

ست قصص للاطفال في كتاب من القطع الكبير، ترواحت بين 4 – 10 صفحات للقصة، في طباعة انيقة رافقتها رسوم لافتة، بألوان زاهية تجتذب النظر، الى صفحاتها المرقمة.

عالج الكاتب في قصصه عدة موضوعات منها:اهمية المثابرة والتدعيم الايجابي في التعليم، وفي قصة بعنوان (وقضى ربك) أعاد صياغة ما قرأناه عن عمـر بن الخطاب في الأثر الموروث عن مكارم الأخلاق في احترام الوالدين، كما انه تطرق الى مفاهيم الشجاعة والإقدام، وعدم الـركون إلى الأقاويل الأسطورية، في قصة "كلب البراري". وفي القصة الأخيرة، بعنوان "هدى"، أرخ الكاتب لإحدى الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر.

في مجمل قصصه التصق الكاتب في المكان والزمان الفلسطيني، فدَوَّن أسماء أماكن بعينها، واستحضر أسماء نباتات في منطقة سكناه، وعرج على بعض الموروث التراثي وبشكل خاص البدوي منه في منطقة سكناه، ووظفه في قصصه، وجاء التوظيف منسجما مع السياق مجدولا بالمكان والزمان.

في القصة الثانية من مجموعته، بعنوان "الذئاب"، والثالثة بعنوان "ذكر وأنثى"، استوقفني المضمون، تحكي القصتان للأطفال عن ابسط حقائق الحياة، وأكثرها تعقيدا، بأسلوب مبسط،

قصة الذئاب تعالج الدفاع عن النفس، وصراع البقاء، والأخرى عن حتمية وجود الذكر والأنثى لاستمرارية الحياة، هذا الى جانب قيم حياتية أخرى وكثيرة، يمكن استجلاؤها من القصتين. بالإضافة الى العديد من المعلومات المفيدة للطفل في توسيع آفاقه ومداركه، وفي توثيق معرفته بالمحيط المباشر.

ومنها في القصة الثانية من المجموعة بعنوان "الذئاب" على سبيل المثال ان: "الكلاب لا تنبح على إناث الذئاب، بل تلعب معها، وتشمها وتحاول التزاوج معها." ثم لاحقا أجرى الكاتب على لسان الذئبة الأولى ".. وبما انني وزميلتي قادرتان على إغواء الكلاب فإنها لا تنبح علينا، وما دامت الكباش تتقاتل مع بعضها البعض... وبإمكاننا ان نغافله وان نختطف طعامنا من قطيعه...".

لم يضف الكاتب جملة اخرى أو عبارة توضح مفاهيمه لعملية الصيد، هل هي صراع البقاء؟ هل هذا التزاوج من اسرار الطبيعة،أو انها ارادة الخالق؟أو اي تفسير تحفيزي تعليمي للطفل عن عملية التهجين في ممالك الحيوان؟ أو ايماني غيبي أو ما شابه؟

وحيث ذلك استوقفتني هذه العبارة مطولا، اذ ان لكل كاتب ان يكتب ما يراه مناسبا، وللقارئ ان يرى في ذلك رأيا، ولكن هنا، ترك الكاتب الباب مفتوحا على كل الاتجاهات،وقد جاء الاتجاه الأوضح بإيحاء سلبي ان لم يكن ممجوجا، إذ قرن عملية التزاوج هذه بمفردة "الغواية" المأخوذة من ذهنية استقـر فيها لأجيال مصطلح غواية المرأة، وليس الانثى في سائر ممالك الأحياء.

القصة بسيطة وواضحة، وسياق الإيحاء فيها جاء مفهوما ومبسطا وواضحا، تماما كما هو فاضح في استعمال المفردات المركونة والمتجذرة في الوجدان الذكوري.

فغواية الأنثى -وفق الكاتب-هي الأصل في صراع البقاء، واكثر من ذلك، لقد جَيـَّر الكاتب هذه "الغواية" في السياق العام للقصة، بحيث تحمل الكثير من المعاني السلبية، وذلك ان السياق العام للقصة يؤدي بالقارئ الى التعاطف المباشر والجارف مع القطيع، مع الخراف ومع الراعي، كما ان فيها ما يشير الى القارئ الطفل باستخلاص العبر واسقاطها على مجتمعه الانساني.

منذ فجر الكتابة الانسانية، ما وصلنا من نصوص، تعرّضت الى ما يمكن تسميته"غواية المرأة"، بالمعنى السلبي المكروه والممجوج أو الهدام، في صيغة واضحة لا لبس فيها، أو في إيحاء ضمني يؤدي الى شيطنة المرأة،بغض النظر عن كونها انسانة أو إلهة أو نصف إلهة، وقد تقاطع هذا المنهج عبر الأزمان والحضارات المختلفة، وظهر في معظم النصوص، الأسطورية منها، أو الدينية، التي يصطلح على تسميتها بالتوحيدية.

فمنذ ملحمة غلغامش من الحضارة السومرية، التي تحكي لنا مشهد "غواية المرأة" بطلب من غلغامش نفسه، حيث ارسل هذا امرأة جميلة طالبا اليها ابراز مفاتنها للايقاع بأنكيدو.

لاحقا، في الأساطير اليونانية لشخصية المرأة، بندروة، التي كان العالم قبلها يعيش وادعا هانئا

دون منغصات،واذ بهذه المرأة تفتح الصندوق الذي أوصاها زوجها، الرجل، الذكر، ان لا تفتحه، وبهذا تنطلق من  الصندوق كل المصائب التي تلمّ بالبشر،الى آخره مما جاء في اسطورة "صندوق بندورة".

مرورا في فصل لاحق من التاريخ البشري، والذي كتبه على وجه العموم الرجل – الذكر، بما في ذلك، النصوص الاسطورية الدينية التوحيدية، تحدثنا التوراة في سفر اشعيا 34  عن ليليت. زوجة آدم الاولى {قبل حواء}، التي تمردت على آدم، وهـربت منه الى البحر الاحمر وهناك تزاوجت مع أشمداي،وانجبت مئات الأولاد الشياطين، الى آخر القصة المعروفة.

ثم جاءت التوراة اليهودية بحكاية خلق آدم وحواء وأسطورة ثمار شجرة الحكمة التي منعهما الرب من أكلها، وغواية حواء لآدم التي أدت الى طردهما من الفردوس.

وصولا الى تبني المسيحية قصة الخليقة بما فيها من اشارات الى غواية المرأة .

كذلك في سياق متصل عرفت المجتمعات الانسانية اساليب التحويل والتبديل، بأن عزت الى المرأة السحـر والشعوذة وغيرها من الظواهر الانسانية الخارقة، حتى انها نسبت للمرأة الظواهـر الطبيعية التي لم يتقبلها الانسان، ولم يجد الى تفسيرها سبيلا، كالأوبئة، والأعاصير، والتحكم في محاصيل الزراعية وما الى ذلك، مرورا في حقبة تعدت القرن 1550 – 1650  فيما اصطلح على تسميته "صيد الساحرات" في التاريخ الاجتماعي للقارة الاوروبية.

درجت الأساطير والحكايات، على شيطنة المرأة وترديد "المعلومات" عن "غوايتها".

كقارئة عادية طالما اعتقدت ان "غواية المرأة" شر لا بد منه في انتاج القلم الذكوري لنصوصه، خاصة وان جذوره موغلة في القدم تمتد الى الأساطير البائدة عن الآلهة والآلهات وأنصافها، التي سطرها وجدان الانسان، وقد يكون لها مسوغات تتعلق بماهية الدور الوظيفي للذكر والأنثى في الحفاظ على النوع واستمراريته، ورأيت انه يجدر بنا مناقشة الموضوع والتوعية والتنوير فيه.

اما ان تتعدى "الغواية" تلك، مفاهيمها لتصبح "غواية الأنثى" في الطبيعة أو في ممالك الحيوان، واسقاط هذه المفاهيم في صياغة لغوية توحي بغواية المرأة، ففي هذا ما تعدى امكانياتي المتواضعة لفهمه أو القبول به.

فاللغة كائن حي، وهي تعيش فينا وبنا نحن ابناءها، لقد اصطلح الأقدمون من اهل العـربية على مفردات كان لها مدلولات في حياتهم، وللتعبير عما يجيش في وجدانهم ومعتقداتهم ومداركهم. الكثير من المفردات سادت، ثم بادت أو كادت، أو انتفت الحاجة الى استعمالها، وها نحن اليوم اهل العربية نقف، امام هذا السيل الجارف من المصطلحات العلمية والتقنية التي نذوتها ونتبناها من منبتها عشوائيا، لغياب مرجعية تمسك زمام المبادرة لتعريب منهجي وتعميمه على اهل العربية.

في أوان العولمة هذا، لغة المعرفة العلمية والتقنيات والتواصل المعلوماتي، كما ان لغة النظريات في العلوم السلوكية هي الانجليزية بالدرجة الاولى، وأتساءل، اذ اصغي الى حوار الناشئة من اهل العربية، هل وصلنا الى نحت لغة جديدة نستطيع تسميتها "العربيزي"؟.

اسوق هذا لأسأل اذا ما كان من واجبنا وليس من حقنا فقط، مطالبة كتابنا بالتمحيص والحذر فيما يقدمونه للاطفال والناشئة من مفردات ذات مدلول اشكالي واضح أو على الأقل يوحي بإشكالية. أقول هذا، خاصة ونحن بصدد كتابة القصة للاطفال والناشئة، للطفلة  تقرأها كما يقرأها الطفل.

فما يتجذر في وجدان طفل العربية اليوم هو مجتمعنا العربي غدا.

هذا ناهيك عما توميء اليه من تقزيم وتهميش للمرأة وقدراتها ودورها، الذي يتلخص في الغواية.

في القصة بعنوان "ذكر وانثى"، يشرح الكاتب باسلوب مبسط للقارئ الطفل، على لسان الجدة    لحفيدها، سر انقطاع الدجاجتين عن البيض وملازمة القن لا تخرجان منه "... انهما ليستا مريضتان، بل هي غريزة الأمومة...". لاحقا يسقط الحفيد النتائج متسائلا، وبحق "...هل اختي فاطمة لن تلد إلا عندما تكبر وتتزوج؟" وتجيبه الجدة : "...نعم...فالحياة لا تكتمل ولا تستمـر إلا بالذكر والانثى."

الغريزة وفق ما عرفها مؤسس علم النفس الحديث، هي مكان التقاء أو وعاء، هي كتلة الطاقة "الهو" التي تجتمع فيها حاجة ٌ وتيقظ أو هيجان فسيولوجي مع الرغبة النفسية الفطرية لحالة معينة، لدى الانسان.

أيّ ان الغريزة مركبة من عنصرين اولهما حالة تمثيل أو انعكاس نفسي فطري، يسمى الرغبة،  واستنفار أو تيقظ  فسيولوجي يسمى الحاجة، فالتقاء الحاجة والرغبة هي الغريزة، هي التي تحرك ردة الفعل الانسانية، ردة الفعل الغريـزية، هي فطرية وغيـر مشروطة، بفعل مبادءة على سبيل المثال: الجوع بحد ذاته هو محرك فسيولوجي، لانه يشيـر الى تناقص الغذاء للانسجة والالياف الخ في الجسم البشري، عندها ترافقها حالة من الرغبة في الحصول على الطعام، {والرغبة هي طاقة نفسية} تتحرك هذه ككتلة واحدة تسمى الغريزة، علما ان هناك مشاهد تنفصم فيها الرغبة عن الحاجة، أيّ ان يأكل الانسان على الرغم من عدم حاجته فسيولوجيا للغذاء، أو ان تكون الحاجة ملحة، ولكن الرغبة غير متوفرة، لعدة اسباب لا مجال للخوض فيها، ولكن بعجالة أشير، على سبيل المثال الى الصوم "تهذيبا للنفس".

من الغرائز التي اشار اليها فرويد، الحياة والموت، وممارسة الجنس على سبيل المثال، هو جزء من غـريزة الحياة، وهو حاجة لاستمرار بقاء الجنس البشري والحفاظ على النوع.

بهذا المعنى من الخطأ تعريف "الأمومة" على انها غريزة لدى المرأة.

وان كنت اكاد اجزم ان الكاتب تعرض الى الأمومة على انها غريزة في هذا السياق، جاء بهدف التسامي بمعني الأمومة، ولكن عند قراءة القصة بإمعان، أستطيع التأشيـر بوضوح الى الانطباع السلبي والنظرة الدونية للمرأة والأنثى، كما قفزت من سطور القصة.

في المقام الاول هالني ما قرأت من مقارنة بين الدجاجة في القن وبين "اختي فاطمة عندما تكبر". هل يفهم القارئ الطفل من الايحاء، ان على اخته فاطمة ان "تـَنـْكـَبّْ" في البيت اثناء الحمل وكذلك لاحقا بعدما تضع حملها؟

وأكثر من ذلك قرأت الخطأ في اختلاط المفاهيم والمعلومات التي تقدمها هذه القصة، وارى ان الخطأ يكمن اساسا في نسبة الأمومة الى الغرائز، صحيح ان رقود الدجاجة {الانثى} على البيض هو من الغرائز لديها والتي تمارسها، دون تعليم أو تدريب، وهذا ما يؤكد غريزية الفعل، للحفاظ على بقاء النوع واستمراريته في مملكة الحيوان، الدجاج هنا، ولكن هذا لا ينسحب على المرأة {الانثى}، كما اوحت القصة اولا ثم اكدت على ذلك، بما يقطع الشك باليقين للطفل القارئ.

ناهيك عن ان في تعريف كهذا ما يقزم الأمومة، ويحط من قدرها اذ ينسبها الى سلوك فطري،ويحاصرها في سلوك بهيمي أولي، ويحد من دورها ويقلصه الى ادنى المستويات، ففي هذا ما يخالف الواقع بالاضافة الى ما نعرفه من نظريات قديمة وحديثة في العلوم السلوكية.

فالأمومة دور ووظيفة، وظيفة اجتماعية تربوية توعوية وتشمل ادوارا اخرى كثيرة، تختلف في بعض مفاهيمها من مجتمع لآخر، ومن حقبة لأخرى ومن منطقة لأخرى. مفهوم الأمومة كذلك يشمل عدة مركبات وتراكمات كإكتساب المهارات السلوكية والنضوج العاطفي، والتعلم والتثقف العقلاني لرعاية الوليد.

كل هذا لا ينفي ان هناك من الرجال الذين يستطيعون تأدية دور"الانثى"الذي تحدثت عنه القصة كدور"أموميّ". وقد تعرض ابن طفيل في قصته الفلسفية الشهيرة "حي بن يقظان" من ضمن ما تعرض له الى هذا التمييز بين الدور الوظيفي للأمّ كراعية تحافظ على شروط دنيا لإستمرار الحياة للنسل، وبين الدور الفسيولوجي للأنثى في الانجاب للمحافظة على النوع واستمراريته. وفي الواقع ان اختفاء الأمّ من حياة وليدها مباشرة بعد الولادة لا يعني بالضرورة ولا يؤدي حتما الى موته، تماما كما ان انتفاء القدرة على الانجاب عند المرأة لا يعني انها لا تتمتع بقدرات "الأمومة".

المعيار الفاصل هنا ايضاح الفرق بين مصطلح الأمومة البيولوجية – أيّ الانجاب – وهذا كذلك ليس غريزة، بل نتاج لممارسة فعل غريزي،أيّ ممارسة الجنس بين المرأة والرجل، عندما ينتج عنه الاخصاب، وبين الأمومة الاجتماعية كدور ووظيفة. واستدرك، ان تقدم العلوم الطبية في ميدان الهندسة الوراثية، الاخصاب الخارجي والانجاب، وغير ذلك، قد يحمل في ثناياه ما لا يخطر لنا على بال.

أسوق كل هذا للاشارة الى الحاجة الماسة للتمحيص في معاني المفردات والمصطلحات ومدلولاتها، خاصة حينما نخاطب أذهـان الأطفال والناشئة، ولتحاشي زرع مفاهيم لا علاقة لها بالواقع اولا، ثم لانها تشكل نتاج ذهن ذكوري متعصب يأبى ان يراجع ويصوب "معتقداته" المتسلطة والفوقية البائدة، ويدعو الى الاستمرار في تعزيز دونية المرأة، تارة بدعوى غرائـزيتها وطورا بدعوى غوايتها. هذا اذا اتفقنا على الحاجة الى احداث تغيير منشود في موقع ودور المرأة في المجتمع.

   أمّا الناقد ابراهيم جوهر فقد قال:

ما الذي يريده جميل السلحوت في سداسية(كلب البراري) للأطفال؟ بقلم : إبراهيم جوهـر – القدس

في سداسيته الجديدة للأطفال يدخل الكاتب جميل السلحوت عالم الأطفال مدفوعا بحب التغيير والتأصيل، وفتح الآفاق أمام قارئه بوضع نماذج أمامه ليقتدي بها بعد أن يتعلم منها ويحبها ويذوّتها .

 ولنترك محاولة النظر إلى العمل الفني الموجّه للأطفال على أساس من فهم الواقع السياسي أو الاجتماعي هنا، مع أن ذلك مشروع وممكن وذو سند تاريخي أدبي حملته إلينا(كليلة ودمنة) منذ أكثر من ألف عام. فهناك إشارات لافتة تصلح ليأخذ الكبار العبرة من أحداثها(الذئاب، هدى، وقضى ربك) .

 الكاتب في هذه المجموعة المكوّنة من ست قصص خاطب الطفل وهو في مراحله العمرية المتعاقبة، بدءا من مرحلة الطفولة المبكرة، وانتهاء بمرحلة المراهقة،ناقلا إليه، ومن خلاله قيما وفنا ولغة وخيالا ومضامين في عالم رحب جميل، يمكن تخيّله في امتداده وغناه وجماله، وكأنه يقول لقارئه: إن لنا عالما جميلا، وبيئة جميلة، وموسيقى طبيعية جميلة. وإن العالم القبيح الظالم الذي نحيا فيه لا بد زائل ... وإذا كان علي أبو غالية قد استشهد ظلما مع عائلته، فإن ابنته هدى ما زالت تنادي، وأفراخ الحمام ما زالت تبني عشها قرب البيت، وإناث الذئاب لن تعود قادرة على الغواية والإغواء.

 يدخل الكاتب غير هيّاب مرحلة شائكة من عمر الطفل، هي مرحلة الطفولة المبكرة التي تتقرر فيها شخصيته، وتتحدد معالمه المستقبلية من خلال سنواتها الأولى. إنها مرحلة يجمع الباحثون على أهميتها في بناء الإنسان وتثقيفه وتقوية دعائمه النفسية والاجتماعية والثقافية، وعلى هداها تنبني شخصيته المستقبلية .

 وفي مجتمعنا المحلي – كما العربي – تبرز أهمية هذه المرحلة، مع باقي مراحل حياة الطفل، في سبيل بناء شخصية سوية متكاملة منتمية إيثارية ذات اعتزاز بأمجاد الأمة، وانتماء لوطنها وقيمها وهويتها، مشخّصة لواقعها الذي تتكيف معه دون أن تذوب فيه، بل تسعى لتغييره نحو الأفضل . 

 ولعله من نافل القول قولي: إن قصة واحدة لن تتحمّل كل هذا العبء في التربية والبناء والإفادة والإمتاع، وليس مطلوبا منها وحدها القيام بهذا العبء، ولا من كاتبها، بل إن ذلك يتطلب تضافر جهود المهتمين من أصحاب التربية والإبداع الفني الموجه للأطفال. ولن يكون في قدرة كاتب وحده إصلاح مجتمع بأكمله، تتضاد فيه الاتجاهات، وتتصارع المصالح وتعلو الأنانية، وباتت القيم السلبية تنزرع في تربته المعطاء، في محاولة إقصاء مبرمج للقيم الإيجابية التي حملت هويته وحمته من التشوه والذوبان، بل إن هذا الأمر يدعو مؤسستنا الرسمية الثقافية إلى التعاون مع المؤسسات المدنية الاجتماعية الصادقة، ذات العلاقة والاستفادة من عمل الأفراد القادرين المؤهلين كل في مجال اختصاصه وقدرته على العمل والعطاء والإفادة، من أجل السير معا في مسيرة التغيير والبناء والإنتاج والاعتماد على الذات، وتربية الذوق العام عن طريق الاهتمام بتنمية الذوق الفردي، وفتح آفاق الإبداع والتخيّل والانتماء وحب المعرفة.

 لقد أوحت القصة الأولى من سداسية زميلنا الكاتب جميل السلحوت إليّ بهذا التقديم، لأنها دخلت إحدى المنطقتين / المرحلتين اللتين يهرب الكتّاب من الاقتراب من حماهما خوفا أو رهبة أو صعوبة ... وإذا دخلوا إحداهما فإنما يدخلونها على استحياء ومحاولة تجريب وتقليد وتنظير أو وعظ وإرشاد بعيدا عن فهم عالم الطفل ونفسيته واهتماماته ولغته وعشقه وتحدّيه؛ ألا وهما مرحلتا الطفولة المبكرة والمراهقة.

 جاءت قصص سداسية(كلب البراري) لتخاطب الطفل ابتداء من مرحلته الطفولية المبكرة، في قصة(المرة الأولى) وانتهاء بمرحلة المراهقة التي يخالط متطلباتها العاطفية وميولها الجنسية محاولة إثبات الذات، وحب السيطرة والمغامرة التي تنسحب إليها من المرحلة التي تسبقها في عمر الطفل، ابتداء من سن تسع سنوات التي يطلق عليها ( مرحلة المغامرة والبطولة ) وفق تقسيمات الدارسين، والمتغيرات التي يلحظها المهتمون العاملون في الميدان التربوي أو الاجتماعي مع الأطفال، لهذا كانت قصة(كلب البراري)التي حملت المجموعة اسمها، حيث يجد القارىء شخصية(يوسف)النموذج النشط الذي يحمل قيما وصفات يحبها الطفل، ويحب أن يقتدي بها. فـ (يوسف) في(كلب البراري) محبّ للطبيعة، رياضي، متفوّق دائما، محبوب، شجاع،لا يهاب الضبع(رمز كل حيوان مفترس ورمز كل خطر يواجه الطفل) وينتصر عليه بشجاعته وحسن تدبيره وإعمال عقله. وكأني بالكاتب هنا يجمع بين قوة العقل وقوة العضل كمكوّنين أساسين لتحقيق الانتصار والفوز.

 ولزيادة التحبيب بشخصية(يوسف)القدوة في هذه القصة قدّم الكاتب وصفا جميلا للطبيعة الجميلة لافتا إلى الجمال الذي قد لا نشعر به ونحن نعيش فيه، أو الذي يجب أن نلتفت إليه لجماله المنسي ... فالطبيعة / البيئة التي عاش(يوسف) فيها واستمدّ قوته ورجاحة عقله منها، ومن عشقه لها ومراقبته لحركة المياه المتدفقة شتاء، حين تنجرف التربة بفعل سيولها، وتتراقص حصاها تحت الماء، فيركض ليختبىء حين اشتداد هطول الأمطار" باتجاه الحاجب الصواني الذي يحيط بقمة الجبل، ويقف تحت تجويف صخري مراقبا حركة السيول"(صفحة 3 من القصة) ثم يأتي فصل الربيع وزهوره وأعشابه وألعابه وأسماء أعشابه التي يورد الكاتب بعضا منها للتعريف بها والإشارة إليها، ولفوائدها للإنسان .

 

 إنه يصف للقارىء جزءا من الوطن الجغرافي والمعنوي، الوطن ، شجاعة وأرض وجمال ومغامرة وانتصار.وهذا هو(يوسف) الطفل الشجاع / القدوة للأطفال الذين سيحبونه لشجاعته، ولأنه نبت من تربة هذا الوطن وجماله، ولأنه حمل اسما يدلّ على الجمال الزائد(يوسف).

 إن جمال(يوسف) الشخص يكتمل ويتداخل بجمال الوطن بأرضه وطوبوغرافيتها وموسيقى شتائه وعمل أهله المتكيّف مع ظروف البيئة ومناخها، ويزداد اكتمالا وجمالا بصفاته الجسمية والعقلية والوجدانية من حيث شجاعته، وحب اكتشافه وتعلّمه من الطبيعة وتعلّقه بها.

 لقد خاطب الكاتب جانبا مهما في شخصية الفتى القارىء، وقدّم له نموذجا من بين أقرانه ليقتدي به، كما قدّم له معلومات معرفية عن الأعشاب والألعاب والأمكنة، ولفت نظره إلى أهمية مراقبة مظاهر الطبيعة، ودعاه إلى ممارستها لما فيها من متعة وفائدة.

 أما القصة الأولى من بين هذه السداسية القصصية للأطفال فهي قصة(المرة الأولى) التي قدّمت لقارئها الطفل نموذجا لطفل في مثل سنّه(خمس سنوات) وأشارت إلى دور الأم في المتابعة والدعم والتعزيز والمواظبة، لكي يتعلم الطفل ولا يستسلم لمشاعر اليأس والإحباط والنزق بعد المحاولة الأولى للكتابة، أو القيام بأي عمل يطلب منه القيام به، أو يسعى هو نفسه ليقوم به.

 (المرة الأولى) هي قصة الخطوة الأولى في حياة الطفل، وهي المرحلة الأولى، والمهمة الأولى، والدرجة الأولى على سلّم حياته اللاحقة، ومحاولاته ومواجهاته اللاحقة مع مصاعب الحياة، والإشارة الوعظية غير المباشرة بضرورة تحدّيها والانتصار عليها وعدم الاستسلام لها، تماما كما انتصر(بكر) على عجزه عن الكتابة بتشجيع أمّه والورقة نفسها التي صارت شخصا يحثّ ويشجّع لأنها تحب العمل ومن يعمل، وكما انتصر( يوسف)على عدوه الضبع، وهزم أقرانه في لعبة المصارعة المحلية(المباطحة) باستخدام عقله وفكره وتخطيطه.

 (بكر) هنا الذي يكرّر محاولات الكتابة ينتصر في النهاية. والكتابة عمل هنا، ومهمة، وأمنية بالنسبة له، إنها عمل يقوم به، ومهمة تقوم أمامه وعليه أن يؤديها بنجاح. ولكنه يحاول ثم ما يلبث أن يملّ ويشعر بالفشل والغضب، وتكاد ثقته بنفسه تتدنى وتهتزّ، إنه يحاول أن يتعلم أسس الحياة والنجاح فيها، فكما هو في مرحلة التهيئة والاستعداد للمواجهة المنتظرة، فإن الأمر الآن بات يحتاج إلى عمل وجهد ومواظبة وتدريب ومتابعة ... وهو في النهاية ينجح، والكل يفرح لنجاحه، نجاحه الذي حققه بنفسه، فيكتب اسمه، لقد نجح(بكر) في النهاية معتمدا على نفسه ومحاولاته التي شعر أنها أنتجت أخيرا عملا ونجاحا.

 في هذه القصة شخصيات أليفة يحبها القارئ، بكر الطفل المحاول الشغوف بتقليد معلمته المنتبه لكيفية إمساكها بالقلم، والأمّ الصبورة الواعية لدورها المتابعة المشجّعة، والصفحة الطيبة التي تصادق بكرا وتحبه، وتدعوه إلى الكتابة على صدرها وتعينه وتواسيه، والمعلمة التي مرّ طيفها كشخصية يجب تقليد أدائها.

 هنا يوجد أكثر من معلمة واحدة، وهنّ معلمات رحيمات ودودات، المعلمة الحقيقية في المدرسة، والأمّ في البيت، والصفحة في الدفتـر، وجميعهن يحببن أن يتعلم(بكر)وأن ينجح، حتى ينجح بالفعل بفعل الدعم واعتماده على نفسه.

 هذا ما تقوله القصة(المرة الأولى): حاولوا، ثم حاولوا، أيها الأطفال، ولا تيأسوا ولا تستسلموا، فهناك أصدقاء يحبونكم، أمّهاتكم، ومعلماتكم، وصفحات دفاتركم وأقلامكم.

إنها دعوة إلى مصادقة وسائل الكتابة والقراءة، فكم نحن في حاجة إلى غرسها في نفوس أطفالنا.

 وبالعودة إلى بقية قصص هذه السداسية للأطفال أستطيع الإجابة عن سؤال أطرحه هنا: ما صورة الطفل التي يريدها الكاتب ويشير لطفلنا ليكونها أو يكون في إطارها؟

 لقد حملت قصص هذه المجموعة إشارات وقيما أرادها الكاتب،ونتمناها معه، ليكون طفلنا الجديد:

محاولا غير يائس

واثقا من كون النجاح قادما لا محالة

مخطّطا يعمل تفكيره لحل المشكلات

مستفيدا من أخطائه

ومن أخطاء الآخرين(قصة الذئاب)

جادا وقت الجد

غير لاهٍ ولا تستعبده غرائزه

مقدّرا قيمة الجنس الآخر وأهميته لاستمرارية الحياة(قصة ذكر وأنثى)

عطوفا بارّا بوالديه

 محبا لوطنه

حالما بمستقبل أفضل

عارفا أعداءه ...

 هذه قيم إيجابية سعت قصص سداسية جميل السلحوت للأطفال إلى إثباتها وإيصالها إلى الطفل القارىء بأسلوب اتسم في كل قصة منها بسمات العمر الافتراضي للطفل القارىء، وبالمضمون القصصي ذي التوجه القيمي الخاص.

 وقد حملت القصص صورا فنية لغوية رشيقة، لتوقف الطفل على جمال اللغة وجمال الوطن،

 كما نوّع الكاتب بين الأفعال الماضية والمضارعة في القصة الواحدة، وفي القصص جميعها، واستفاد من أسلوب الحكاية الشعبية ولغتها السردية الوصفية، ونوّع بين الجمل الاسمية والفعلية وفق مقتضى الحال والقصّ والعمر، فحين كتب(المرة الأولى)جاءت الجمل الاسمية لتقدّم القصة وتنهض بها، وحين قصّ وحكى جاءت جمله فعلية إخبارية ناقلة حدثا ومقدّمة شخصيات.

 هذه باقة سداسية الأجزاء، أمّا سابعها لتكتمل المعادلة، فهو الطفل نفسه.

 كلب البراري مجموعة قصص للأطفال لكاتبها جميل السلحوت . منشورات دار غدير في القدس، سنة 2009 م. رسم رسومها الفنان شاكر عبد الله، وضمّت ست قصص هي: المرة الأولى – الذئاب– ذكر وأنثى – كلب البراري – وقضى ربك – هدى .

وقال موسى أبو دويح:

        كتب الشيخ جميل السلحوت ست قصص للأطفال جمعها في كتاب واحد، صدر عن دار النشر "غدير" في كانون الأول سنة 2009، وأطلق على الكتاب اسم إحدى القصص "كلب البراري".

        والقصص جميعها مصورة، وقام برسمها وتصميم غلافها الرسام شاكر عبدالله.

        القصة الأولى: سماها الكاتب "المرة الأولى"والقصة حول أول محاولة للطفل بكر بطل القصة أن يمسك بالقلم، ويكتب اسمه على ورقة، ومساعدة أمّه إياه، وتشجيعها له على إعادة المحاولة حتى تمكن من كتابة اسمه خمس مرات.

        وتهدف القصة إلى تشجيع الأطفال على الكتابة وتعليمهم كيف يمسكون بالقلم، وألا يضغطوا على الأقلام بشدة فتنكسر وتثقب الورق.

جاء في القصة في الصفحة التاسعة: "ويكرر كتابة اسمه خمس مرات في كل سطر" وفي الصورة أسفل الكتابة، كتب كلمة بكر خمس مرات، كل كلمة منها في سطر.

        القصة الثانية: سماها الشيخ جميل "الذئاب" يعود فيها الشيخ الى ايام طفولته الأولى، حيث كان يرعى الأغنام في البرية، وحيث كانت الذئاب تهاجم الماشية، وعلى الأخص الأغنام، السمار والبياض أو الماعز و الضأن.

        وجاءنا الشيخ في هذه القصة بمعلومات عن الذئاب لا يعرفها كثير من الناس، حيث يكون مع الذئب الذكر ذئبتان انثيان اثنتان، وكأني بالذئب يعدد الزوجات، بل جاءنا بأكثر من ذلك وهو مراودة إناث الذئاب للكلاب حتى تتلهى بها، وتحقق الذئاب أهدافها.

        ولا أعرف الزواج والتزاوج إلا بين البشر، وأما الحيوانات فلا زواج بينهما، فلا نقول زوجة الأسد أو الفيل أو الذئب، بل نقول أنثى الفيل وأنثى الأسد وأنثى الذئب وهكذا.

        وكذلك كلمة "زميلاها" صفحة 4 وزميلتي صفحة 10 فلا أعرف الزمالة بين الحيوانات.

        القصة الثالثة: سماها الشيخ "ذكر وأنثى"، حيث وضع الطفل خالد عشرين بيضة غير ملقحة تحت دجاجة في حالة رقاد، أي تجمع البيض تحتها وترقد عليه حتى يفقس، إلا أنه لم يخرج أي صوص من العشرين بيضة، لأن دجاجات جدّة خالد التي أخذ منها البيض ووضعه تحت الدجاجة ليفقس، ليس لها ديك. فالحياة على رأي جدّة خالد "لا تكتمل ولا تستمر إلا بالذكر والأنثى" فالمرأة صنو الرجل.

        القصة الرابعة "كلب البراري" وهذه القصة هي التي جعل منها الشيخ عنوانا للكتاب الذي جمع القصص الست، وقد يكون مرد ذلك الى فوائد الكلب ووفائه وحراسته للماشية، وذوده عنها ونباحه المتواصل حتى يوقظ صاحبه، ويدافع عن أغنامه، وبطلها الفتى يوسف ابن الثانية عشرة والذي قضى على الضبع بعصاه، وذبحها بشبريته وسلخها، وأخذ جلدها ليوضع على سرج فرس والده، وشقها نصفين، وحمل الشق الأيمن منها لأنه عند الأعراب حلال أكله، والشق الأيسر لا يحل أكله.

        القصة أشبه ما تكون بالأساطير، حيث طفل صغير كأنه في سن الرابعة  أو الخامسة –كما يظهر في الصورة التي في الكتاب-  يقضي على ضبع هي في العادة تضبع الرجال الأشداء وتقضي عليهم، والضبع بضم الباء وسكونها مؤنثة جمعها أضباع وضباع وضبع بضمتين وبضمة والذكر ضبعان، كما جاء في القاموس المحيط.

        وأما قوله "نعب الضبع نعيبا مخيفا" في الصفحة السابقة، فالمعروف أن النعيب هو صوت الغراب وناقة ناعبة سريعة كما جاء في القاموس المحيط.

        وأما قوله عن العصا: "ويهش بها على الأغنام وهو يرعاها ويهش بها على كلاب الأعراب" صفحة 5، فهذا من قول الله سبحانه على لسان موسى عليه السلام: "قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي". ومعنى أهش هنا اي اضرب بها ورق الشجر ليسقط وتأكله الأغنام، جاء في القاموس المحيط: "هش الورق يهشه ويهشه خبطه بعصا ليتحات". وتعرضت القصة إلى اسماء اماكن معروفة عند عرب السواحرة مثل: البقيعة والزرانيق وجبل المنطار وواد الدكاكين، ونسي الكاتب ان يذكر واد "شخ الضبع".

وفي القصة أن يوسف يذبح الضبع بشبريته ولا وجود للشبرية في أي رسم من الرسوم في القصة، ولم يظهر جلد الضبع في الصورة أو الرسوم.

        القصة الخامسة: سماها الكاتب الشيخ "وقضى ربك" وأبطالها سعيد وزوجه وأولاده الثلاثة ووالده العجوز، حيث قام سعيد على خدمة والده العجوز، فسأل أحد الحكماء فأخبره أنه مقصر في حق والده، فحاول سعيد وحاول وحاول بكل جهده ووسعه وطاقته، إلا ان الحكيم بقي مصرا على رأيه وهو أن سعيد مقصر في حق والده.

        وجاء في القصة "ويحممه" و"يقوم بتحميمه" صفحة 4. والصحيح أحم نفسه وحمها غسلها بالماء البارد، واستحم اغتسل كما في القاموس المحيط.

        وجاء في القصة أيضا قول الله سبحانه: "وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا" والصحيح ربِّ ارحمهما بدون ياء.

وشبيه هذه القصة جاء في الأثر الموقوف على عمر رضي الله عنه "أن رجلا أتى عمر رضي الله عنه فقال: إن لي أُمّا بلغ بها الكبر، وأنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري مطية لها، وأوضئها، وأصرف وجهي عنها.

- قال: فهل أديت حقها؟

- قال:لا.

- قال: أليس قد حملتها على ظهري وحبست نفسي عليها؟

- قال: إنها كانت تصنع ذلك بك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تتمنى فراقها".

        وفي أثر آخر موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما:

        "- قال رجل لعبدالله بن عمر: حملت أمي على رقبتي من خراسان حتى قضيت بها المناسك، أتراني جزيتها؟

        - قال: لا، ولا طلقة من طلقاتها".

        القصة السادسة: وهي قصة حقيقية، قصة الطفلة هدى أبو غالية التي قتل يهود أباها وأُمّها وأختيها صابرين وهنادي وأخاها هيثم، أي قتلوا جميع العائلة وهي تستجم على شاطئ بحر غزة، ولم يبق من العائلة إلا الطفلة هدى.

        جاء في القصة في الصفحة السادسة "ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة" والآية من سورة البقـرة ونصها: "وأنفقوا في سبيل الله، ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة، وأحسنوا ان الله يحب المحسنين".

        والمعنى المستفاد من الآية هو أن عدم الإنفاق في سبيل الله هو الذي يؤدي الى الهلاك وليس كما استدل بها الشيخ جميل وكما يفهمها العوام.

        وختاما القصص الست هادفة وذوات مغزى وتربوية ونافعة للأطفال وللكبار. ولكن كان يجب على الشيخ ان يدقق ويبحث، وأن لا يقع فيما وقع فيه وعلى الأخص في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، لا سيما وهو لا يعرف إلا بالشيخ جميل السلحوت.      

وقال سمير الجندي:

بداية أبارك للأخ جميل السلحوت هذا الانجاز وأقول بأن القصص جاءت في ترتيب مدروس وليس عشوائياً، فالقصة الأولى(المرة الأولى) تحمل في طياتها قيما تربوية كثيرة، خاصة وإنها موجهة للأطفال دون سن الثامنة، فالكاتب يتدرج مع الطفل(بكر)في تدريبه على مسك القلم، فهو يدربه بأن يكتب بيده اليمنى:(بكر يحمل قلم الرصاص في يده اليمنى)ويعرف الطفل بأسماء الأصابع التي تمسك بالقلم(الابهام والسبابة والوسطى) ص1 كما يحث الطفل على تكرار المحاولة، وهذا بحد ذاته ارشاد للطفل بأن لا يترك التجربة حتى يصل الى النجاح، وكيف يكتب على السطر، وكيف يستعمل الطفل الممحاة؟.

أما قصة الذئاب ففيها دلالة قيمة أراد الكاتب بثها في نفوس الأطفال وهي:[الاتحاد]ففي الاتحاد تكمن القوة، فقد أشار الكاتب بإشارة لطيفة الى ذلك في الصفحة السابقة، عندما وصف لنا الكباش الثلاثة(وقفت الكباش الثلاثة مكانها في حالة استنفار على شكل مثلث) فلم تستطع الذئاب اقتحام حظيرة الغنم، ولم تجرؤ أن تفعلها ثانية، اذ قال الكاتب على لسان الذئبة(فأنا غير مستعدة أن أهاجم قطعان الغنم بعد الآن) ص9

وهنا يوجد ملاحظة بأن الرسومات لا تتوافق مع السرد، فقد رسم الخراف وذكر في القصة الأغنام،قطعان الغنم ص9 "

لقد استخفت الذئاب بالقطيع الأول بحيث أرادت العودة لخطف حملان أخرى، وذلك لأن الأكباش هناك متناحرة، وهذه اشارة الى الوضع السياسي القائم على الساحة الفلسطينية بشكل خاص بين فتح وحماس،والى فرقة الدول العربية.

(وقالت الذئبة الثانية: نعود الى القطيع الأول).

كما أشار الكاتب الى قضية مهمة وهي الحفاظ على البيئة،وبأن البشر أكبر مسبب في دمار هذه الطبيعة عندما قال:(فالبشر قضوا على الحياة البرية)ص10

وهناك اشارة الى أمر سياسي آخر، وهو الفساد القائم على الساحة السياسية من اختلاسات واستغلال نفوذ المسؤولين في الكسب غير المشروع فقد قال:(بما انني وزميلتي قادرتان على اغواء الكلاب فإنها لا تنبح علينا).

خلاصة القول في هذه القصة أن المجتمع الذي يتحكم بمصيره قيادة غير واعية جاهلة وأنانية، فإن هذا المجتمع معرض لكل أنواع السلب والنهب، وهذه دلالة واضحة على الوضع الفلسطيني الراهن.

اذ يقول :(ما دامت الكباش تتقاتل مع بعضها البعض، فإن القطيع سيكون في متناولنا) ص10

أما قصة كلب البراري والتي تحمل المجموعة اسمها كعنوان، فهي قصة جاءت في معظمها سرداً على لسان الكاتب، تحدث فيها بشكل تقريري، عن قرية الكاتب(السواحرة)وعرفنا بجغرافية المنطقة، ووصف البيوت المنسوجة من شعر الماعز، وعرفنا بخصائص استخدام شعر الماعز المنسوج بأنه يتمدد عندما تنزل الأمطار عليه فيسد المسامات، وهذه معلومة مهمة يُعرِّف القارىء بها. وينتقل بنا الكاتب الى صراع يوسف مع الضبع، وهنا أرى مبالغة كبير في أن طفلا مهما كانت قدرته البدنية قادر أن يصارع الضبع، فالضبع حيوان مفترس ويستطيع بأسنانه وأنيابه طحن عظام فريسته بسهولة تامة، أرى هنا أن الكاتب اتبع الأسطورة في أن الطفل لديه قوة خارقة يستطيع القيام بأعمال تخرج عن المألوف:(وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة سحب يوسف العصا من جوفه، واستل شبريته وقطع رأس الضبع). ص8 لماذا كل هذا العنف؟ وما فائدته للقارىء الطفل أو الفتى؟ هنا مبالغة وعنف غير مبرر، ولا أدري ان كان أكل لحم الضبع مستساغا، ناهيك بأنه ليس حلالاً، اذ أن الضبع من عادته نبش قبور الآدميين وأكل الجثث الآدمية، وأرى أن في نشر مثل هذه الأفعال وخاصة للأطفال أو الفتيان لا فائدة منه، بل إن المضرة واقعة. حمل النصف الأيمن من الضبع فأكله حلال أمّا الجانب الأيسر قحرام؟ ؟ ص9

أما عن الرسومات فهي جميلة جداً ومناسبة لأحداث القصص الا ما ذكرته خلال العرض، فالألوان متناسقة ورسوم الشخصيات مناسبة وحجم الورق أيضاً مناسب.

قصة هدى:

القصة الأخيرة هي من أكثر القصص جمالاً وتعبيراً ومضمونا، فهي تحث الأطفال على الاهتمام بالطبيعة التي أصبحنا بحاجة للاهتمام بها، بعد أن أنهكتها الاعتداءات المستمرة، حتى لم يعد بالامكان التغاضي عن سلبيات تلك الاعتداءات المستمرة، وحتى تهتكت طبقة الأوزون التي من شأنها المحافظة على غلافنا الجوي من الاشعاعات الضارة.

فالاهتمام بزرع الأزهار والنباتات وعدم الاعتداء على صغار الطيور كالحمام والعصافير ، .. وزرع الأمل في نفوس الأطفال .. شعرت في هذه القصة براحة نفس واطمئنان في بدايتها، وفجأة يصدمنا الكاتب بقصة أسرة الشهيد علي أبو غالية .. في الحقيقة أنا لم أجد مبررا لطرح هذه القصة بهذا الشكل، ففيه الكثير من القسوة على الطفل القارئ. 

وقال محمد موسى سويلم:

تأبى العصي اذا اجتمعت تكسراً    واذا تفرقت تكسرت آحادا

كلب البراري مجموعة قصص للأطفال تم جمعها في مجموعة واحدة، لا أدري لما لم تصدر كل واحدة على حدة، أو ربما تم طباعتها ضمن القدس عاصمة الثقافة، ولا أريد أن أتدخل أكثر حول هذه المجموعة، أقول للشيخ جميل وهو أب لنا في الكتابة، كتبت .. أوجزت .. أفهمت .. أبدعت ... أحسنت .

أبدأ من قصة هدى والتي أعتبرها قصة للأطفال مع أنها رواية عظيمة وكبيرة، تجسد الصراع، وهي تاريخ للمعاناة والظلم والقهر الذي يعانيه كل أطفال الوطن .. الخ حبذا لو كانت هذه القصة رواية مفصلة أكثر بدلا من أن يفهم الأطفال فليفهم أولو الأمر. وقضى ربك أو بر الوالدين، سعيد رجل من ظهر رجل، برّ والده وسيبرّة ابناؤه على رأي المثل(كما تدين تدان)أو بِرِّوا آباءكم يبركم ابناؤكم، ويا شيخنا وأنت تعرف بحكم موقعك الانساني والاجتماعي فلماذا لم تكتب عن ملاجئنا؟ كلب البراري هذا تصديق للفلسفة التي تقول يولد أطفالنا رجالاً في ظل هذه الظروف، فلا مجال للخوف، وما علينا سوى تشجيعهم ورعايتهم وتربيتهم على الكرم والشهامة والأخلاق الحسنة.

الذئاب نعم لا تأكل الذئاب من الغنم الا الشاردة، نعم قصة على غرار كليلة ودمنة ولكن على لسان بيدبا السلحوت.

(المرة الأولى)عن تعليم الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة، وأنا لم أرَ أنها قصة تعليمية، واذا كانت فهي سريعة، وان بكر في هذه المرحلة عليه التعلم باللعب وليس بالقلم والورقة.

نعم يا ابن العم قصص تربوية تعليمية تعليمية هادفة، حكم جليلة مهمة يحتاجها الأطفال في المدرسة والحياة، كما هي جميلة سواء كانت محكية أو مقروءة، شكراً للكاتب على هذا الجهد الطيب.

وقد شارك في النقاش الاديب محمد عليان والشاعر سامي الجندي،والكاتبة الواعدة اسراء ابو طير،كما قدمت حذام العربي دراسة مطولة عن المجموعة سننشرها فور اكتمالها.

 

 

 



جميع الحقوق محفوظة ماسترويب 2009
Email